خالد أبو المجد يكتب: كيف نستقبل المستقبل .. ؟
هل تخيلت يوماً حال المرور في شوارع القاهرة إن لم يكن كوبرى 6 أكتوبر أو الطريق الدائري قد أنشئ، أو تخيلت كم الكثافة السكنية والبشرية بهذه المحافظة إن لم تكن المدن الجديدة أمثال العبور وأكتوبر والسادات وغيرها قد تم بنائها .. هذا ما يسمى بالتخطيط المستقبلي للأجيال.
عندما فكر آبائنا في إنشاء كوبرى أكتوبر لم تكن الحاجة ماسة له وقتها، وحسب البعض أن بناؤه مضيعة للوقت وإهدار للمال، إلا أن الأيام التي مرت سريعاً أثبتت بعد نظر منشئوه، وكذلك الحال بالنسبة لكافة المشروعات التي تبعته.
إنطلاقاً من إستراتيجية البناء للمستقبل، والتي تحمل رؤية المسئولين وتحملهم لمسئولية البناء للأجيال القادمة، إضافة إلى السعي لتخفيف الضغط عن العاصمة التي أعيتها وأعيت مرافقها الهجرة بحثاً عن الوظائف ينبع مخطط المدن التكنولوجية الذى بدأ يغزو بقاع الجمهورية، ولم يعد هناك مستحيلاً أن نستيقظ يوماً لنرى مخططاً لإنشاء مدينة تكنولوجية أو إثنتين في أي من المحافظات التي ظلت حتى عهد قريب مغيبة تماماً عن الحاضر مجهولة على الخريطة..فكيف كانت ستستقبل المستقبل .. ؟
أصبحت تكنولوجيا المعلومات هي العماد الأساسى لنهضة الأمم، وغزت هذه التكنولوجيات كافة أوجه ومناحي الحياة، وتوغلت إلى دروب لم يتخيل أحد أن تستعين يوماً بالتكنولوجيا، الزراعة والصناعة والري والنسيج والطاقة والبترول وغيرها من القطاعات أمست معتمدة كلياً على التكنولوجيا، والقيادة السياسية أدركت ذلك ووعته جيداً، وحددت إحتياجات الوطن التكنولوجية، وخططت لنشر وتوطين التكنولوجيا في كافة أنحاء ومحافظات مصر، لترسى مفهوم العدالة في حصول وإستفادة المواطنين منها، وأوكلت هذه الملفات لقيادة وزارية تم إنتقائها بعناية، ووفرت لها دعماً غير محدود ثقة في أدائها.
أستطاعت هذه القيادة الوزارية للقطاع التكنولوجى في الاختبارات الأولى أن تخطو خطوات كان من المقدر لها سنوات لإقرارها، وبتفوق حققت النجاح في تنفيذ الإستراتيجيات وكافة التكليفات التي أوكلتها لها القيادة السياسية ..وفى إنتظار إستكمالها والجديد منها.
وفيما له صلة .. اثلج صدري تفهم ووعى محافظ بور سعيد اللواء عادل الغضبان – بخلاف حال كثيرين – لخطورة مهام وظيفته وتأثيراتها اللحظية والمستقبلية على قاطني المحافظة التي حمل أمانتها، فعندما طرح المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فكرة إمكانية إنشاء مدينة تكنولوجية بمحافظته إذا توافرت الأرض اللازمة، قاطعه الغضبان في التو معلناً وضع 220 فدان تحت أمرته في ذات اللحظة، ملقياً الكرة في ملعب القاضي الذى بدوره اعلن البدء فوراً في الدراسات اللازمة..هكذا يكون وعى القائد المقدر لحجم مسئولياته.
هذا المحافظ الذى أصر على حضور المؤتمر الصحفي الذى عقده الوزير مساء ذات اليوم، على الرغم من الإجهاد الذى ناله جراء جولة الوزير الشاب الافتتاحية والتفقدية لمحافظة بور سعيد في الأيام الأول للعام الجديد منذ الصباح الباكر، وكان لوجوده أهمية بالغة، أطلعنا على أمور كثيرة لم نكن نعلمها عن هذه المحافظة ذات الحدود المترامية وسكانها القلائل رغم تعدد زياراتنا لها، وطبيعة وميول العمل لديهم، وكيف أنها محافظة جاذبة للأيدى العاملة، وفجر مفاجأة وجود أكبر مصنع في العالم لتصنيع إحدى مستلزمات النقل بها، الأمر الذى جعلنى أقارن بين تصرفه وحال محافظ إحدى المحافظات النائية الذى أعتذر عن غذاء العمل مع أحد الوزراء أثناء زيارته لمحافظته قائلاً: “مش بأتغذى برة بيتى” ..!!.