محمد أبو المجد يكتب: تكريم مجدى يعقوب
تعودنا على تجاهل رموزنا، طوال حياتهم، وألا نتذكرهم إلا بعد رحيلهم.. ساعتها فقط نعض بنان الندم على تجاهلهم، والتنكر لهم، ونتذكر أياديهم البيضاء على مصر والمصريين؛ لدرجة أن الكثيرين من العلماء والأدباء والفنانين ينالون أرفع التكريمات، وأرقى الأوسمة والجوائز من دول أجنبية، بينما نحن في مصر لا نمنحهم سوى “النكران”.
حدث هذا مع جمال حمدان، ويوسف إدريس، وعمر الشريف، وأسامة أنور عكاشة، والأبنودي، وعبد الوهاب المسيري، وفريد شوقي، وسعاد حسني.. وغيرهم.
وجاءت شائعة وفاة راهب القلب الدكتور مجدي يعقوب، التي ترددت الخميس، وانتشرت على المواقع والشبكات الاجتماعية بسرعة الصاروخ، وأثارت حالة كبيرة من الحزن، والأسى.. ولكن رب ضارة نافعة.
“السير” مجدي يعقوب.. نال هذا اللقب من ملكة إنجلترا، وحاز على العديد من الأوسمة من دول أجنبية، ولكنه لم ينل في بلده أي تكريم سوى من الرئيس الأسبق مبارك، قبيل تنحيه عن منصبه بأيام.
من يرد أن يعرف قدر الدكتور مجدي يعقوب، وعمله في إخلاص من أجل المرضى من الفقراء، فليتجه صوب أسوان، تلك المدينة التي تعد نموذجا صارخا لكل مشكلات وأزمات ومعاناةالصعيد وأهله، بعيدا عن أضواء العاصمةة وضجيجها.. اختار يعقوب أسوان موقعا لمشروعه العظيم، وقد عايشت بنفسي اهتمامه الرائع بتطبيق أحدثث النظم الإدارية لرعاية المرضى، دون أن يتكبد أحد منهم جنيها واحدا.. دون نظر لاسم أو جنس أو دين.. المساواةة محققة بنسبة مائة بالمائة.. لا حاجة لوساطة ولا توصية، ولا ترضية، مثلما هو الحال في أشهر المستشفيات الخاصة.
مركز القلب بأسوان كان نافذة على أفريقيا، فقد حرص يعقوب على أداء أسمى الخدمات السياسية لمصر من خلاله، عندما سافر وبصحبته نخبة من الأطباء المتخصصين والخبراء إلى أثيوبيا، في ذروة أزمة “سد النهضة”، وأجروا ما يزيد على عشرين جراحة قلب مفتوح، والعديد من التدخلات بالقساطر للمرضى هناك بالمجان، وغادر الراهب العظيم أديس أبابا تاركا عددا من أطباء المركز يواصلون المهمة السامية.. مَن مِن عمالقة الطب في مصرر أقدم على تصرف كهذا؟!
ألا يستحق مجدي يعقوب – تلك الأسطورة الخالدة – من بلده أرفع الأوسمة، وأسمى آيات التكريم قبل أن يغادر دنيانا؟!