افتتح صباح اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية مؤتمر القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
“بسم الله الرحمن الرحيم”
السيدات والسادة
يسعدني اليوم التواجد للمرة الثانية في افتتاح هذا الملتقى المصري المتميز، لأُشارككم الفخر بما تم إنجازه خلال فترة زمنية تقل عن العام.
لقد أطلقنا معاً في ديسمبر الماضي مبادرات تهدف إلى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وزيادة القيمة المضافة لمنتجات هذا القطاع. ولقد تابعت عن كَثب على مدى العام المنصرم الجهود الدؤوبة لأبناء هذا القطاع من شباب مصر الواعد لتنفيذ هذه المبادرات، وأفخر اليوم بما تم إنجازه على أرض الواقع من مشروعات سوف تسهم في تحقيق نقلة نوعية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إن المناطق التكنولوجية التي نفتتحها اليوم في كل من أسيوط وبرج العرب كنموذج، سوف تساهم في توفير الآلاف من فرص عمل جديدة لأبناء مصر، كما ستساهم في زيادة الصادرات سواء من صناعة البرمجيات وتوفير خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالنيابة عن الشركات العالمية الكبرى فيما يطلق عليه “التعهيد”، فضلاً عن تشجيع الإبداع وريادة الأعمال وزيادة صادرات الأجهزة الإلكترونية التي ستُقام مصانعها في هذه المناطق.
إن الانتهاء من تنفيذ المنطقتين التكنولوجيتين بكل من أسيوط وبرج العرب في فترة زمنية تقل عن عام وتحقيق نسبة إشغال حالية تزيد عن 75% للمساحات المخصصة لأعمال تكنولوجيا المعلومات، يعتبر إنجازاً بكل المقاييس يحق أن يفخر به كل مصري. إن هذه المناطق سوف تسهم في تعزيز مكانة مصر العالمية في المجالات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما ستساعد في تحقيق عدالة توزيع فرص العمل بين كافة المحافظات، من خلال توفير أربعة آلاف فرصة عمل مباشرة بكل منطقة خلال العام الأول.
كما أن إطلاق خدمات الجيل الرابع للاتصالات المحمولة الذي نُطلق بثه التجريبي اليوم سيضع مصر في مكانها الطبيعي بين الأمم في مجال الاتصالات، وسيرفع جودة الخدمات الصوتية وخدمات نقل البيانات المقدمة للمواطن المصري، كما سيساهم في تقديم الخدمات الإلكترونية التي يحتاجها قطاع الأعمال.
لقد أوفى هذا القطاع بوعده في إتمام عملية التحول إلى خدمات الجيل الرابع في الوقت المحدد، كما ساهم في رفع كفاءة خدمات الاتصالات الثابتة والمحمولة في كافة أنحاء الجمهورية بما في ذلك توفير خدمات الاتصالات المحمولة لمواطنينا في المناطق الحدودية.
الاخوة والاخوات
أود أيضاً في هذه المناسبة الإشارة إلى تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع قواعد البيانات المتكاملة، والذي يهدف إلى بناء بيئة معلوماتية وتكنولوجية تساعد على تحقيق التكامل بين كافة جهات الدولة من خلال بناء منصة خدمات حديثة بصورة متكاملة، وسوف يعمل على تحسين جودة البيانات وربطها بالرقم القومي بما يُمكن صانع القرار من قياس فاعلية القرارات والسياسات ووضع السياسات بناءً على تحليلات سابقة ومستقبلية، كما سوف يؤدي ذلك إلى زيادة القدرة على مكافحة كافة أنماط التهرب الضريبي والفساد وبناء شبكات الحماية الاجتماعية، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال للدولة. إن هذا المشروع سوف يسهم في استكمال بناء المجتمع الرقمي في مصر، كما سيساعد في تحسين الخدمات الحكومية وإتاحتها بشكل متكافئ لجميع أفراد المجتمع، ونتطلع أيضاً إلى الانتهاء من تنفيذ هذا المشروع الهام في إطار البرنامج الزمني المحدد له أو قبل ذلك.
السيدات والسادة
إن ما حققه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال دمج ذوي الإعاقة في المجتمع لهو أمر محل تقدير، حيث تمت الإتاحة التكنولوجية لثلاثة ألاف مدرسة من مدارس الطلاب ذوي الإعاقة، وتدريب ما يقرب من عشرين ألف مُعلم من مُعلمي التربية الخاصة على استخدام التكنولوجيا المساعدة في التعليم، والتي تم تزويد مائتي مركز للشباب بها، بالإضافة إلى المنشآت الحكومية لتصبح أماكن مؤهلة لاستيعاب ذوي الإعاقة. كما يتم تقديم برامج للعلاج عن بعد لهم، وإنشاء مركز إقليمي لتحفيز المبتكرين والشركات الناشئة لتطوير التكنولوجيا المساعدة لذوي الإعاقة من خلال برنامج “تمكين”. وأتمنى أن يتضاعف جهدنا في السنوات القادمة لنتمكن من دمجهم في كل الأنشطة الاقتصادية ليصبحوا قوة عاملة منتجة نفخر بإنجازاتها.
إن ما أتابعه فيما يتعلق بتصنيع الإلكترونيات في مصر لهو من الأمور المُبشرة. إن نجاحكم خلال العام الحالي في جذب أربعة مصانع عالمية لتصنيع الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب اللوحي وأجهزة الاتصال بالإنترنت من خلال كابلات الألياف الضوئية، بالإضافة إلى تصنيع الألياف الضوئية في المناطق التكنولوجية الجديدة، لهو خُطوة هامة على طريق تطوير وتوطين هذه الصناعة لكي تتبوأ مصر مكانتها التي طال انتظارها، كما أنها من الصناعات الهامة والواعدة والتي تُعتبر من الصناعات المغذية للعديد من الصناعات الأخرى التي تخطط مصر للتوسع فيها مثل صناعة السيارات.
لقد تأكد لي من متابعتي لتطور هذا القطاع خلال العام الحالي، أن ما ننفذه من مشروعات قومية في مختلف قطاعات الدولة لديها من الأساس التكنولوجي السليم ما يمكننا من تحقيق أهدافها في أسرع وقت، وبأقل تكلفة وأعلى جودة. إن المساهمة التي يقدمها هذا القطاع في مجال تصدير خدمات التعهيد بلغت بما يزيد عن نصف مليار دولار حتى نهاية شهر سبتمبر 2016، وذلك من خلال قوة عمل تَقترب من 30 ألف متخصص. ورغم ذلك فإنني أطلب منكم مزيداً من الجهد وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية للتوسع في تقديم هذه الخدمات، مع التركيز على الخدمات ذات القيمة المضافة العالية من تطوير البرمجيات وتقديم خدمات الدعم الفني عن بعد وأيضا الخدمات المتعلقة بالبحوث والتطوير والابتكار، والتي سَتُعظِم العائد من الصادرات المصرية في هذا المجال الواعد الذي يوفر الآلاف من فرص العمل لشباب مصر.
إن الاتفاق مع كبرى الجهات العالمية العاملة في مجال تدريب الكوادر البشرية فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات لتأهيل حديثي التخرج والشباب وإكسابهم الخبرات التي تؤهلهم لسوق العمل بالإضافة إلى حصولهم على مهارات عالمية في هذا المجال من خلال التعلم الإلكتروني التفاعلي، هو من أهم الموضوعات التي أوليها كل اهتمامي، لأن شبابنا هم قادة المستقبل. إن إطلاق منصة التعلم التفاعلي “رواد تكنولوجيا المستقبل” اليوم، هو خطوتنا الأولى على طريق تأهيل هذا الشباب لمواجهة التحديات التكنولوجية وتمكينهم من التدريب على أحدث التقنيات في التخصصات التكنولوجية الحديثة، لما لها من مردود وتأثير اقتصادي وتقني وأمنى عالٍ.
إن الجهد الذي بذله كافة المنتسبين لهذا القطاع الهام منذ لقائي الأخير معكم من أقل من عام، هو جهد مشكور ومُقدر، ولكني أطلب منكم بذل المزيد من الجهد وطرح المزيد من الأفكار والمبادرات لأننا نسابق الزمن من أجل أن نحقق النقلة النوعية التي نريدها لمصرنا العزيزة. ومن هذا المنطلق، أود أن أدعوكم إلى التوسع في تنفيذ المناطق التكنولوجية على أن نبدأ في تنفيذ منطقتين جديدتين على الأقل كل عام، كما أُطلِق اليوم البدء في تنفيذ “مدينة المعرفة” والمخصص لها ما يقرب من 300 فدان بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وأخيرا وليس آخرا، أود أن أؤكد لكم استمرار دعم الدولة لهذا القطاع الذي يعتبر من القطاعات الهامة لعملية التحول الاقتصادي، كما أود أن أتوجه بالشكر لكم جميعاً ولكل من شارك في تنفيذ هذه الأنشطة والمشروعات والإنجازات التي تمت خلال العام الماضي، وأقول لكم أن مصر وشعبها يقدرون بعمق ما قدمتموه من جهود خالصة وما تحقق من إنجازات هامة. واتمني لكم مزيد من النجاح والتقدم خلال المستقبل القريب.