ما أقتحمت تكنولوجيا المعلومات شأن إلا زانته، وما توطنت فى أمر إلا سهلته ويسرته، ومهما بلغت تكلفتها الأولية فهى لا تقارن بما توفره على المدى القريب والبعيد..هذه ثوابت ومسلمات أدركناها بالدراسة والتطبيق الفعلى.
تولى الدكتور طارق شوقى مسئولية تطوير العملية التعليمية والمنظومة ككل منذ 5 سنوات، وتحديداً فى فبراير من العام 2017، وأوكل إليه أصعب مهام توطين التكنولوجيا اللازمة لتطوير التعليم والمناهج التعليمية..بل والأدوات المستخدمة فى العملية التعليمية ككل.
لم يتوان قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصرية؛ لبى نداء الوطن فوراً، وأجيبت كل متطلبات تطوير ورقمنة التعليم من بنية تحتية تمثلت فى مد كابلات الفايبر إلى ربوع الجمهورية وأطرافها المترامية، لتحقيق أعلى وأسرع وأعم تغطية لشبكات الانترنت فائق السرعة، وتوفيره للطلاب والمواطنين فى تعميم لتكنولوجيات الـ (M.than)، تحقيقاً لمبدأ العدالة التكنولوجية، وارتفع متوسط سرعات الإنترنت الثابت في مصر ليصل في ديسمبر 2020 إلى نحو 34.8 ميجابايت/ ثانية، متضاعفاً 6 مرات عن سرعته فى 2019، وتكلف هذا التحديث للبنية التحتية خلال عامى 2019/2020 فقط حوالى 30 مليار جنيه.
مابين عثرات وعقبات عديدة حقق شوقى نجاحات كبيرة فى التطوير، وحقق طفرة فى تنمية “بنك المعرفة” و”منصة نجوى”، ونجح فى إقتحام أعشاش عديدة لطيور الظلام التقليدية الرافضة لأى تطوير، بل واستطاع أن ينفض خيوط العنكبوت عن عقول كثيرة أكلها صدأ الماضى العتيق، وتجلت أسمى نجاحاته فى إتمام العام الدراسى الصعب خلال جائحة فى 2020/2021، والذى إنهارت أمام أحداثه أنظمة تعليمية عالمية عتيدة.
المفاجأة أن مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أعلن منذ أيام أن تكلفة إستخدام أجهزة التابلت فى العملية التعليمية خلال العام الدراسى 2021/2022 بلغت 3.5 مليار جنيه، مما يعنى أن التكلفة الشهرية لاستخدام التابلت فى العملية التعليمية بلغت حوالى 437 مليون جنيه..!!
الغرض من إدخال إستخدام الشاشات المضيئة الذكية فى العملية التعليمية كان توطين التكنولوجيا وتدريب النشئ على إستخدام أدواتها التى أصبحت أساسية فى الحياة المستقبلية، وكذلك كان من أهم الأهداف القضاء على التكلفة الكبيرة لإستخدام الطرق الورقية والتقليدية فى التعليم..والتى لا أظن أنها تزيد عن الرقم المعلن عاليه بكثير..!!
وكان أيضاً من الأهداف تحقيق التصحيح الالكترونى لما له من مميزات أهمها السرعة والدقة والمصداقية عن التصحيح التقليدى الآدمى، وهو هدف أيضاً لم يتحقق بعد 4 سنوات من بدء دمج تكنولوجيا التابلت والوسائل الرقمية..!!
بمقارنة بسيطة نستنتج أن منظومة التابلت والرقمنة للعملية التعليمية لم تحقق المراد من الناحية المادية، حيث لم تحدث وفراً فى المصروفات، كما لم يتحقق على يديها المطلوب من ناحية الدقة والسرعة فى التصحيح، بل ولم تضف شيئاً على طرق التدريس والتعليم، ولم تقضى على مافيا الدروس الخصوصية كما كان المستهدف؛ بل زادت الأمور فى هذا الشأن سوءاً وزاد تغول وتوغل مد المدرسين الخصوصيين سواء فى المنازل أو السانتر..و”زاد طين بلل” إعلان الوزير منذ أيام عودة إمتحانات الثانوية العامة هذا العام للأسلوب الورقى..!!
فرحة لم تكتمل، وتجربة غير جيدة، تفتح الأبواب لإعادة النظر فى مكتسبات هذا التطوير المنقوص، ومراجعة ترتيب الأوراق، والمضى قدماً فى تعظيم الإيجابيات ومعالجة السلبيات، والإصرار على إنجاح مابدأناه عبر السنوات الخمس الماضية.