أخبارالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: “إلا قليلاً”..!!

الاستماع للخبر

هل من الممكن أن يذكرني أحد متي بدات الدعوة إلى رقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين لتسهيل تقديمها إليهم، ومتي بدأت الدعوة إلى نشر تكنولوجيا الدفع الالكتروني وتطبيقات المعاملات المالية الالكترونية، حقيقة أصبحت لا أدري..كل ما أعلمه أن ذلك كله ينحصر تحت مظلة إستراتيجية مصر الرقمية والتي تبذل الدولة قصاري جهدها لنشرها وتعميمها، وبالفعل نجحت فى ذلك إلا قليلاً.

القليل الذي أقصده هنا هو بعض الجهات أو المؤسسات الحكومية التي هرمت ولازالت تصر على التمسك بالماضي وأدواته، وتحارب التقدم والتطور التكنولوجي بكافة السبل، بل وتدعوا الآخرين أن يتبنوا نفس الموقف الرافض للرقمنة وأساليبها، وذلك من باب “اللى نعرفه أحسن من اللى مش عايزين نعرفه”، أو “بركة الفلوس قلت من ساعة ما أستخدمنا الـ ATM وتطبيقات الدفع الالكتروني”.

فى بداية الشهر مر علىّ محصل المياه، وصراحة لم أكن أمتلك مايكفى من الأموال لدفع الفاتورة، فطلبت منه مهلة أسبوع..ووافق الرجل تاركاً لى رقمه لأهاتفه وقتماً تيسرت الأمور مالياً، تحسنت الأحوال قبل نهاية الاسبوع فهاتفته ليخبرني أنه تم نقله إلى دائرة أخري ولم يتسن له معرفة أسم أو هاتف بديله حتى اللحظة، وخوفاً من ضياع الأموال فكرت أن أدفع الفاتورة إلكترونياً..وهنا تبدأ القصة:

تقريباً كل تطبيقات الدفع الالكتروني تدعم دفع فواتير المياه، ونتيجة تحذيري سالفاً من أنه من الممكن أن “الفاتورة ماتسمعش فى الشركة” فكرت أن أدفعها عن طريق موقع شركة المياه ذاتها، وبدأت من هنا المعاناة، لفة كبيرة للغاية مواقع البحث حتى وصلت إلى موقع الشركة، و”دوخة” داخله للوصول إلى أيقونة الدفع، ولوغاريتمات فى الخطوات لملئ البيانات..والمفاجأة الكبري: “7” جنيهات رسوم على عملية الدفع، فى الوقت الذى تقوم فيه تطبيقات لمحافظ المحمول بتيسير الدفع للفواتير دون إضافة “مليم”، أو تضيف تطبيقات أخرى 2 أو 3 جنيهات فقط.

دعونا نفكر بطريقة المواطن البسيط الكادح، أليس مقارنة رقم الـ 7 جنيهات برقم الـ 2 جنيه كافيه لإرساء إختياره على تطبيقات الدفع عبر الشركات الأخري وضياع الملايين على شركة المياه الوطنية، وبعدها يصير الأمر إعتياداً لهذا المواطن الكادح، بل سيمتد لأن تصبح التطبيقات الخاصة هى الملاذ الأول والأوحد عند اللجوء إلى دفع الفواتير مما يتبعه ضياع ملايين أخرى على شركات حكومية أخرى مثل الكهرباء والغاز والتليفون..وغيرها.

الأمر الذي أستوقفنى حقيقة هو الفارق الكبير فى الرسوم، إلا أن أمراً آخر لابد وان نضعه فى الحسبان الا وهو صعوبة الوصول إلى أيقونة الدفع الالكترونى، بل صعوبة الوصول إلى الموقع ذاته، فى الوقت الذى تسهل فيه المحافظ الالكترونية والتطبيقات الاخري الأمر إلى حد يجعل المواطن ذو الخلفية التكنولوجية الضئيلة “أستاذ” فى التعامل معها.