فى ظل أزمة توافر العملات الأجنبية الحالية تبرز من جديد أهمية صناعة “التعهيد Outsourcing”، والتى تعد وسيلة سهلة ومتاحة ويجيدها الشباب المصري إلى الحد الذى جعل مصر تتربع على عرشها قبيل 14 عام، كما أن مؤسسة “ايه تي كيرني” أشارت فى تقرير لها أن مصر جاءت في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا في مؤشر جاذبية الدول المقدمة لخدمات التعهيد العالمية لعام 2017.
فى فبراير من العام الماضى أطلقت مصر استراتيجيتها الرقمية لصناعة التعهيد، هذه الصناعة التى تعد من المجالات الصناعية كثيفة العمالة، وأصبح التوجه إليها والاستعانة بها هدف وغاية لغالبية الدول والشركات العملاقة والمتوسطة..حتى والصغيرة.
هذه الصناعة يبلغ حجم السوق الخاص بها قرابة 350 مليار دولار، كل عناصرها التى تحتاجها متوافرة لدينا، من حيث البنية البشرية المدربة والمتقنة لأكثر من لغة، حتى وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، ومع ذلك تستحوذ منطقة الشرق الأوسط كلها على 7% فقط من حصة السوق العالمية..ولم تتخط حجم العمالة المصرية بهذه الصناعة حتى نهاية الربع الأول من العام الماضى 100 ألف شاب فقط، مما يعد رقماً متواضعاً للغاية إذا ماقورن بـ 600 ألف خريج جامعى سنوياً.
تمتاز مصر بأفضلية كبيرة بين دول العالم فى مجالات هذه الصناعة، ناهيك عن أن أكثر من 90% من البيانات بين الشرق والغرب تمر عبر الأراضى المصرية، إلا أن الملاحظ أن الاهتمام بتنمية وريادة صناعة التعهيد يمر بفترات من النشاط وأخرى من الفتور، فخلال الأسبوع الماضى قام الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بزيارة للهند، هدفت هذه الزيارة إلى جذب الاستثمارت، وتم خلالها دعوة الشركات الهندية إلى الاستثمار فى مصر فى صناعة مراكز البيانات، ومراكز التعهيد والخدمات العابرة للحدود.
الهند تعد من النمور العالمية فى هذه الصناعة، ففى العام 2019 احتلت الهند المركز الأول فى مؤشر أفضل مواقع تقديم خدمات التعهيد عالميًا، بنسبة بلغت %7.06، فى الوقت ذاته جاءت مصر فى المرتبة 14 بنسبة %5.56، وبحسب تقرير إنجازات وزارة الاتصالات، فإن حصة مصر من سوق خدمات تعهيد قطاع تكنولوجيا المعلومات دوليا وصل نهاية العام 2019 إلى 16 %، لتحتل بذلك المركز الأول فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا..مما يجعلها وجهة محمودة ومقصد مرجو للتعاون فى النمو بهذه الصناعة فى مصر.
وللوقوف على مايمكن أن تساهم به هذه الصناعة (السهلة) فى الاقتصاد القومى لك أن تعلم أن الهند خسرت فى العام 2020 قرابة 3 مليار دولار إثر إنقطاع الانترنت لأيام قليلة، فى الوقت ذاته حققت مصر حجم صادرات رقمية خلال العام 2019 من خدمات التعهيد وبرامج السوفت وتكنولوجيا المعلومات وصل إلى 3.6 مليار دولار، مقابل 3.2 مليار فى 2018 .
لدينا شباب يتقن عدد من اللغات، بلهجات أصحابها، ولدينا بنية تحتية مذهلة، وكابلات فايبر تمتد لكيلو مترات يومياً من خلال (حياة كريمة)، وسرعات إنترنت عالمية..فماذا يمنعنا من ريادة صناعة التعهيد عالمياً..؟