تغريدة على موقع X “تويتر سابقاً”، من أحد المصريين، سافر منذ 20 عاماً إلى دولة أوربية، حصل فيها على شهادات علمية وعمل وأستقر بها، وتزوج وحصل على جنسيتها مع إحتفاظه بجنسيته المصرية، قرر أن يصحب البعض من زملاءه فى العمل إضافة إلى أولاده فى زيارة إلى وطنه الأم، فى محاولة للمساهمة فى التوعية السياحية بمعالم وطنه.
هبط صاحبنا فى مطار القاهرة؛ ولم يبلغ أحد من أهله بموعد وصوله بغية أن تكون مفاجأة سارة لهم، ولذلك لم يستعن بهم فى إستقلاله من المطار راغباً فى طلب سيارة “أوبر أو غيرها” من وسائل النقل التشاركى الذكى، هكذا خطط صاحبنا..لكن الأمور لم تسير كما خطط.
أخرج صاحبنا هاتفه المحمول، وأزال منه شريحة الدولة الأوربية، وبدأ فى البحث عن أى منفذ من منافذ بيع خطوط وشرائح الهاتف المحمول فى المطار..عثر على أحدهم أخيراً.
طلب من البائع خط محمول، فطلب منه البائع “إثبات شخصية”..حتى الآن كل شئ يسير بصورة طبيعية، أخرج صاحبنا “الباسبور الأجنبى” ومد يده ليعطيه للبائع، رفض البائع الباسبور الأوربى قائلاً: “عايز رقم قومى يا أستاذ”..!!
قد نتقبل الأمر على مضض ونناقشه فيما بعد، فجواز سفر أى دولة يحتوى على بيانات الشخص كاملة، ويمكن تدوينها، ماعلينا..ولنستكمل التغريدة.
تعجب صاحبنا من طلب البائع، إلا أنه مصادفة كان يحمل جواز سفره المصري، أخرجه للبائع ظناً منه أنه وجد الخلاص، وأنه “خلاص..حجة البائع بطلت”، إلا أن البائع أصر: “بطاقة رقم قومى يابيه” .. !!..هذا مايرويه صاحب التغريدة على عهدته ومسئوليته.
المهم..لم يستطع صاحبنا التحصل على رقم محمول، وبالتالى لم يتمكن من طلب سيارة “أوبر”، وأضطر إلى إستعارة هاتف أحد الركاب الآخرين ليطلب من أقاربه أن يأتوا اليه ليقلوه من المطار..و”باظت المفاجأة” والحمد لله..وإلى هنا إنتهت التغريدة، وأعقبها ردود كثيرة تروى أحداثاً مماثلة، وشجب وتنديد بهذه الأفعال.
إن كانت هذه الحادثة حقيقية؛ وهذا ما أتوقعه، فهى مصيبة من وجهة نظرى، وتفتح الأبواب لعشرات الأسئلة: فبداية لماذا لايكون هناك ممثلين للشركات الأربعة عمالقة الاتصالات فى السوق المصرية فى مطار القاهرة وباقى مطارات الجمهورية، ولماذا لاتنتشر منافذ البيع وخدمة الجمهور هناك، بل إن خيالى يشطح بعيداً فى أن يتم صعود مندوب إلى الطائرة عند هبوطها ليعرض على ركابها شرائح الهواتف المحمولة لمن يحتاجها، ويسهل لهم الإجراءات بحيث أن ينزل الراكب من الطائرة وهو يحمل رقم هاتفه المصري معه.
ودعونا نفند الأمر قليلاً: أليس “الباسبور” وثيقة رسمية لإثبات شخصية وهوية المواطن سواء كان مصرياً أو أجنبياً؟، إن كان مصرياً فرقمه القومى مدون بداخل جواز السفر، وإن كان أجنبياً فإن جميع بياناته مسجلة على جواز سفره.
فى بعض دول أوروبا يحصل الزائر على خط إنترنت، ليقوم بإتصالاته عبر برامج الشات، فلماذا لا يتم تطبيق ذلك فى مصر، وإليكم بعض المقترحات التى أراها ممكنة ومتاحة للتنفيذ، وتؤدى إلى زيادة الدخل القومى بشكل كبير، خاصة إذا علمنا أن قرابة 14 مليون سائح قاموا بزيارة مصر خلال 2023، ونبدأ هذه الخطوات بهبوط الطائرة على مدرج المطار كالتالى:
1-يتم توزيع “بروشور” على الركاب قبل الهبوط يكون فيه معلومات عن خطوط المحمول المصرية وأسعارها، وشرائح الاشتراكات سواء فى باقات الصوت أو الانترنت أو كلاهما.
2-يكون أيضاً متاحاً أن يتم شراء جهاز هاتف محمول لمن لا يملك، بحيث يكون “الهاتف والشريحة” بسعر معين.
3-أقدر بشدة أهمية البيانات حفاظاً على متطلبات الأمن، ولذلك أقترح أن يتم تدوين كافة بيانات الراكب بالكامل على جهاز الكمبيوتر وبالتالى إلحاقه بشبكة معلومات المطار، ولا يمكن مغادرته البلاد دون تسليم شريحة الخط.
4-كذلك من الممكن أن يتم توفير أجهزة محمول ذات شريحة مدمجة، بحيث لايمكن إزالتها أو نزعها، وبالتالى نحقق قدراً كبيراً من الأمن.
5-تكون مدة صلاحية شريحة الهاتف المحمول بدءً من أسبوع-أسبوعين-شهر-حتى شهرين بحد أقصى، حسب فترة بقاء السائح، بعدها تتلف الشريحة من طلقاء نفسها.
6-لو كانت فترة بقاء السائح أكثر من شهر، ويريد الاحتفاظ بالخط فيمكنه أن يتم تسجيله داخل أى من فروع الشركة التابع لها بإسم ورقم قومى لمواطن مصرى، قبل نهاية الفترة المسموح بها.
7-العائد المتوقع لو تم تطبيق هذا النظام على 10 ملايين سائح فقط تصل إلى 50 مليون دولار لو بيعت الشريحة بمبلغ 5 دولار فقط أو مايعادلها بالجنيه المصري، كما إن تطبيق نظام الكومبو “الهاتف مع الشريحة” يرتفع بهذا الرقم إلى أضعاف أضعافه.
8-من الممكن أن يتم التعاقد مع أى من الشركات المنتجة للهواتف المحمولة فى مصر بحيث تنتج هاتفاً مدمجاً بالشريحة، مما يعنى زيادة فى الانتاج وفرص العمل.
9-لم أتحدث بعد عن المردود الحضارى عن المعاملة فى مصر لدى السائحين، وكيف أنه يتم توفير وسائل الاتصالات بسهولة ويسر، مما يؤدى إلى ترسيخ الصورة بالتطور والتقدم الذى حققته مصر فى إستراتيجيتها نحو الرقمنة.
وفى النهاية أضع هذه المقترحات بين أيدى المسئولين عن القوانين والأطر المنظمة لقطاع الاتصالات فى مصر، وكذلك السادة رؤساء ومسئولى شركات الاتصالات المحمولة، وأتمنى أن تجد لديهم صدراً رحباً لدراستها.