أخباراتصالاتالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: جدل “إطفاء الأبراج”..!!

الاستماع للخبر

لم تمر ساعات على تداول خبر “إطفاء الأبراج” في مطلع يوليو الجاري، حتى تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة جدل واسعة، فبين تحليلات متسرعة وتكهنات غير دقيقة، انتشرت موجة من الغضب والقلق، مصحوبة بشائعات حول إقصاء بعض الجهات أو إغلاق خدمات الإنترنت اللاسلكي تمامًا؛ غير أن الحقيقة – كما تؤكدها مصادر موثوقة داخل قطاع الاتصالات – تختلف تمامًا عن هذه الروايات، وتعكس توجهًا استراتيجيًا نحو تحديث البنية التحتية للإنترنت في مصر.

القرار الصادر عن وزارة الاتصالات لا يخص شركة أو جهة بعينها، بل يشمل كافة مزودي خدمات الإنترنت اللاسلكي (Wireless ISP) في مصر، ويأتي ضمن خطة وطنية للتحول من الإنترنت الهوائي إلى الإنترنت الأرضي المعتمد على الألياف الضوئية (FTTH).بحسب مصادر داخل القطاع، بدأت وزارة الاتصالات تنفيذ القرار في الأسبوع الأول من يوليو الجاري، وشرعت في التواصل مع الشركات العاملة في مجال الإنترنت اللاسلكي لإبلاغها بضرورة البدء في إطفاء الأبراج، وتشير المعلومات إلى أن بعض صفحات متخصصة مثل “TelecomNewsIQ” سبقت الجهات الرسمية في كشف تفاصيل القرار، مما ساهم في إشعال الجدل قبل أن توضح الوزارة الموقف.

هذا التوجه ليس مجرد تحديث تقني، بل استراتيجية متكاملة لتعزيز جودة وسرعة خدمات الإنترنت، بما يواكب المعايير العالمية واحتياجات الاقتصاد الرقمي. وبحسب الوزارة، فإن التحول إلى FTTH سيُوفر خدمة أكثر استقرارًا، ويحد من العشوائية التي شهدها القطاع خلال السنوات الماضية.

تزامن القرار مع غياب بيان رسمي واضح في بدايته، مما فتح الباب أمام تضارب المعلومات وترويج بعض الشائعات، مثل: “سيتم إغلاق الإنترنت عن المنازل”، “القرار يستهدف حرمان المناطق الريفية من الخدمة”، “خطوة تمهيدية لاحتكار الخدمة من مزود واحد”..وقد ساهمت بعض صفحات السوشيال ميديا في تصعيد القلق دون الاستناد إلى بيانات دقيقة، وهو ما كشف عن فجوة إعلامية في التواصل المؤسسي، وضرورة تعزيز قنوات الاتصال المباشر مع المواطنين.

مصطلح “إطفاء الأبراج” يشير إلى إيقاف أو إزالة الأبراج الهوائية التي كانت تُستخدم لتوزيع الإنترنت اللاسلكي في المناطق التي يصعب فيها تمديد الكابلات الأرضية، والهدف من القرار يتمثل في تنظيم السوق ومكافحة الاستخدام العشوائي وغير المرخص، والتحول إلى بنية تحتية حديثة ومستدامة، وتحسين جودة خدمات الإنترنت في مختلف أنحاء الجمهورية، واستخدام البديل الذي تُشجع عليه وزارة الاتصالات وهو الإنترنت الأرضي المعتمد على الألياف الضوئية (FTTH)، والذي يتميز بأنه أكثر استقرارًا وسرعة في نقل البيانات، وأقل عرضة للانقطاع أو التشويش، ويشكل البنية التحتية القياسية للإنترنت في العالم.

وتشير المصادر إلى حرص الدولة على تطبيق القرار تدريجيًا وبشكل مدروس، مع مراعاة التوزيع الجغرافي واحتياجات المستخدمين، لتجنب التأثير المفاجئ على المستخدمين، وإعطاء مهلة مناسبة لمزودي الخدمة لتوفيق أوضاعهم، وطرح حلول بديلة لضمان استمرارية النفاذ إلى الإنترنت.التحول الرقمي لا يجب أن يكون على حساب المواطن، بل يجب أن يرافقه تدرج زمني، وشفافية، وخطط بديلة مؤقتة.

قرار “إطفاء الأبراج” كشف الحاجة إلى تواصل مؤسسي أكثر فاعلية مع الجمهور، خصوصًا عند إصدار قرارات تقنية أو تنظيمية تمس حياة المواطنين. كما سلط الضوء على أهمية إصدار بيانات توضيحية مبكرة، والرد على الشائعات بمعلومات موثقة، وعرض البدائل والخطط المصاحبة بوضوح، ففي عصر متسارع التحول الرقمي، لا مجال للاستمرار في الاعتماد على بنى تحتية قديمة، لكن في المقابل، لا يجب أن يُفهم التحديث على أنه هدم أو إقصاء.

“إطفاء الأبراج” ليس قرارًا عقابيًا، بل خطوة تنظيمية نحو تحسين الخدمة وجودتها، وتحقيق التحول الرقمي بشكل فعّال ومستدام، ونجاح هذا القرار مرهون بمدى عدالة التطبيق ووضوح الرؤية وتوفير البدائل دون أن يُترك أحد خلف الركب.

error: Content is protected !!