
في عصر أمسي الذكاء الاصطناعي يتحكم فى كافة تفاصيل حياتنا، وبقيت القرارات المصيرية تنتظر رأى “شات جي بي تى”، برزت الضرورة الإعلامية التي تحتم التنبيه إلى خطورة الاعتماد كلياً على هذا “المساعد التقني” خاصة فى الأمور الصحية.
على سبيل المثال تخيّل أنك تسأل شات جي بي تي عن بدائل الملح، فيُفاجئك بتوصية بإضافة بروميد الصوديوم، ذلك العنصر المستخدم لتنظيف البرك المائية بديلًا من الملح الغذائي..وتكون النتيجة: تسمم شديد، هلوسات، بارانويا، وثلاثة أسابيع في المستشفى.
رجل يبلغ من العمر 37 عامًا، استعان بشات جي بي تي لعلاج “ألم بسيط في الحلق”، فطمأنه بأنه عارض عرضي لا داعي للقلق، وبعد أشهر، تم تشخيصه بسرطان خطير، لأن ما يُقدّمه الذكاء الاصطناعي في لحظة قد يكلف حياة بالمستقبل.
دراسة حديثة في مجلة “Annals of Internal Medicine” خلصت إلى أن 88% من إجابات روبوتات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي كانت خاطئة، رغم استخدام اللغة العلمية والمراجع، وبعضها وهمية بالكامل، كما وجدت دراسة أخرى أن معدلات الاستجابات غير الآمنة تتفاوت بين 5% إلى 13% في استجابات قدمتها روبوتات مختلفة عند سؤالها عن مسائل طبية.
عائلة المراهق اأمريكي آدم راين، رفعت دعوى قضائية ضد OpenAI، بعد أن بات “شات جي بي تي” المحرك الأساسي له وزوده بأفكار الانتحار، وبكيفية كتابة رسالة انتحارية..كل ذلك دون تدخل أو تنبيه من الذكاء الاصطناعي، كما حذّر خبراء الصحة النفسية من أن الاعتماد المفرط على الروبوتات في الدعم النفسي قد يؤدي إلى تفاقم الأفكار الاكتئابية أو الانتحارية، خاصة عند انعدام التداخل الإنساني والتدخل العلاجي الفعلي .
على الجانب الايجابي ذكر مستخدم في Reddit أنه بعد أن شرح أعراضًا بدنية بدت بسيطة، أجابه شات جي بي تي بأن عليه الذهاب فوراً إلى المستشفى؛ وبعد التحاليل، أُثبت أن لديه حالة خطرة، وفعلاً استُقِبل وتلقى العلاج في الوقت المناسب..لكن هذه مجرد استثناءات، وليست القاعدة.
وترجع أسباب عدم ترجيح روبوتات الذكاء الاصطناعي فى التشخيص الطبي لعدة أسباب منها غياب السجل الصحي، فالروبوت لا تعرف التاريخ المرضي، والتحاليل، أو الحساسية، وكذلك ضحالة المعلومات الطبية المتخصصة، مما يطلق عليه “الهلوسة الرقمية”، مما يؤدى إلى “إختراع” معلومات، أدوية، وكذلك أثبتت الدراسات أن الأخطاء الإملائية أو الأسلوب غير الدقيق تجعل الروبوت أكثر ميلًا لإعطاء نصائح خطرّة بنسبة 7-9٪..والخلاصة: تعلّم من شات جى بى تى..لكن لا تُعتمد عليه طبيبًا..فقد يكون رفيقًا سريعًا ومُسلٍّ في محادثات عامة، لكنه غير مؤهل ليكون طبيبك الرقمي، إنه مناسب للمعرفة السطحية فقط.