مما لاشك فيه أن إطلاق خدمات تطبيقات النقل الذكي فى السوق المصرية ساهم إلى حد بعيد فى حل مشكلات المواصلات والتنقلات، كما أنه أدي كذلك بالتبعية إلي إنهاء جشع واحتكار ملاك وسائقي التاكسي واشتراطاتهم العجيبة فى إختيار نوعية الزبائن وأماكن رحلاتهم..إلا أن “الحلو مايكملش” كما يقول المثل الشعبي المصري الشهير، فشابت منظومة النقل الذكي عدد لابأس به من المنغصات والشوائب.
أذكر من هذه المنغصات علي سبيل المثال لا الحصر إستفسار كباتن التطبيقات عن الرحلات هل هى “كاش” أم “مدفوعة مسبقاً”، وبالتبعية رفض الأخيرة، وكذلك إنتقاء الرحلات ذات الكلفة العالية دون غيرها، وتفضيل التوجه إلى جهات معينة “التجمع وأكتوبر ومدينة نصر” مثلاً على أساس أنها “مناطق راقية” و”شوارعها ممهدة”..وكل ذلك يمكن قبوله والتغاضي عنه، إلا أن مايلي صراحة كان مفاجأة من العيار الثقيل لي.
آخر ما كنت أتوقعه هو ماطالعته على صفحة صديقى مصطفى عماد، مدير التسويق الرقمي بإحدي الشركات، حيث كتب سرداً لتجربة أحد الأشخاص الهامة والمثيرة؛ ذكر مصطفي أن هذا الشخص أجري حجزاً لرحلة من نفس مكان الاقلال إلى ذات مكان الوصول فى ذات التوقيت ولكن من هاتفين مختلفين فى الأنظمة؛ أحدهم بنظام “الأندرويد” والآخر آيفون يعمل بنظام “IOS“، التجربة أجريت بغرض واحد وهو زيادة فرصته فى الفوز برحلة سريعاً خاصة وأن التوقيت كان فى وقت إزدحام وذروة..وكانت النتيجة مذهلة.
المدهش أن صاحبنا حظي بالفعل برحلة على كلا الهاتفين، ولكن الغريب فى الأمر أن سعر الرحلة إختلف فى كليهما، فكان السعر على هاتف “الأندرويد” 290.79 جنيه، بينما جاء السعر على هاتف الآيفون “IOS” 342.47 جنيه، بفارق سعر أكثر من “50” جنيه..!!
يؤكد صديقي مدير التسويق الرقمي أن ماسبق ذكره لم يكن خطأً من التطبيق، وكذلك لم يحدث مصادفة، بل إنه تصميم مقصود ومبنى على تحليل البيانات وفهم المستخدمين لتعظيم القيمة المضافة لدي الشركات، وأوضح أن مستخدمي هواتف الآيفون “IOS” يتم رؤيتهم على التطبيق بفاعلية أكثر “كعملاء بريميوم” من أولئك مستخدمي “الأندرويد”، حيث أن بيانات سلوك المستخدمين تشير إلى أن الصنف الول على إستعداد لدفع تسعيرة أعلي من نظرائهم مستخدمي “الأندرويد”.
وكشف خبير التسويق عن أن شركة “أبل” تقوم بخصم “عمولة” تصل إلى 30% علي عمليات الشراء داخل التطبيقات المستخدمة علي هواتفها، مما يؤثر بالتبعية علي تحديد أسعار خدمات هذه التطبيقات.
وأخيراً يقول صديقي أنه تبعاً للـ “التخصيص الديناميكي” فإن التطبيقات أصبحت تعتمد علي التسعير الديناميكي الذي يتحدد تبعاً لسلوك المستخدم، أى ن نوع الهاتف وطبيعة الملف الشخصي له يؤثر علي تسعير رحلاته..وهنا طرح الخبير تساؤلاًت هامة: متي تصبح الشركات أكتر وضوحاً بخصوص سياسات التسعير، ومتي يصبح هذا التخصيص في صالح المستخدم؟