أول من إبتدع التصويت كانا أجدادنا قابيل وهابيل، إذ قدما قرباناً؛ فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، وتبعهم أخوة يوسف عليه السلام، وأهل قرية “أصحاب الكهف”، وكان أهل قرية الناصرة بشمال فلسطين -التى ولدت بها السيدة العذراء- من أصحاب الفضل فى إبتكار سبل التصويت والاستهام على إختيار أمر أو شخص ليكفل السيدة مريم.
وبدءً من هذا التاريخ عرفت البشرية الاستهام والتصويت، وحتى يومنا هذا ظل الاستهام والاستفتاء والانتخاب طريقة للاختيار والانتقاء، وظلت هذه الطريقة متبعة حتى وقت قريب بالطريقة العادية الكتابية، عن طريق وضع علامة على الخانة التى يقع عليها الإختيار..حتى بدأت مع الثورة التكنولوجية طفرة التصويت الالكتروني.
وعلى الرغم من إنتشار التصويت الالكتروني فى بقاع شتى بالعالم، وتعدد سبله وطرقه وأساليبه وأدواته، والاعتماد عليه كلياً وجزئياً فى كافة أمور الاقتراع، إلا أن هذه الحمى لم تصل بعد إلى أم الدنيا مصر، بالرغم من الوعود المتتالية التي يقطعها الوزراء بتطبيق التصويت الالكتروني قريباً.
والتصويت الإلكتروني لمن لا يعلم هو نظام يستخدم شاشة لمس في التصويت من قبل الناخب، وبعد الانتهاء من التصويت يتم حصر النتائج مباشرة ولحظياً، ويستحيل معه الغش أو التزوير؛ خاصة إذا طبق معه أنظمة الأمان التكنولوجية مثل البصمة الرقمية أو بصمة الوجه أو العين، ويحقق العمل بأنظمة التصويت الألكترونى السرعة في الحصول على النتائج، والحد من نسبة خطر الخطأ البشرى، كما أنه يعمل على توفير نفقات التصويت التقليدى من طباعة وأوراق وصناديق..ولجنة الفرز.
وهناك طريقة أخرى تم إبتكارها فى سويسرا للتصويت فى العام 1998، حيث أتيح لمدينة “جنيف” إمكانية التصويت عبر شبكة الانترنت، بدلا من التزاحم على صناديق الاقتراع، والتصويت أمام شاشات الكمبيوتر فى إنتخابات البلدية، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة الرائدة عمدت إلى زيادة عدد الناخبين إلى قرابة 6 أضعاف المتوقع؛ أضافة إلى تخطيها الحدود لإتاحة التصويت للمغتربين ولقاطنى الأماكن النائية، إلا أن التكاليف الباهظة؛ والتى وصلت إلى مايوازى 9 ملايين جنيه قد أوقفت إستخدامها.
مع التوجه الحكومى لتحقيق العدالة فى توزيع التكنولوجيا لتحقيق رقمنة المجتمع، مع خدمات الشمول المالى، والوقوف على قاعدة البيانات الموحدة والمتكاملة يصبح إستخدام التصويت الألكترونى حاجة ملحة، مكملة ومتممة لخطوات نشر وتعميم السبل التكنولوجية، وسبيلاً للريادة التقنية التى تصبو إليها مصر إقليمياً وإفريقياً ودولياً.