أخبارالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: “نهاية العالم”..!!

الاستماع للخبر

عقب كل موسم امتحانات، ومع إعلان النتائج، تتكرر نفس المشاهد المؤلمة: طلاب محبطون، وأهالٍ يشعرون بالفشل، ومجتمع يربط “المجموع” بالنجاح و”الشهادة” بالمستقبل..لكن هل حقًا يمكن أن تختصر حياة إنسان، بكل إمكاناته ومواهبه وطموحاته، في رقم أو نسبة مئوية؟، وهل كانت الشهادة الدراسية يومًا ما المعيار الوحيد للنجاح الحقيقي؟، الإجابة، بكل وضوح، لا.

التاريخ ذاته أثبت أن العلم أوسع من المناهج..والنجاح لا تحكمه أوراق الامتحان، تاريخ البشرية نفسه يشهد أن عددًا كبيرًا من العظماء، من علماء، ومفكرين، ورواد أعمال، لم يسيروا وفق المسار التعليمي التقليدي، أو لم يتفوقوا فيه..من قال أن من لم يحصل على 90 أو 95% لن ينجح في الحياة؟.

ألبرت أينشتاين لم يكن متفوقًا في المدرسة، وستيف جوبز لم يُكمل تعليمه الجامعي، وبيل جيتس ترك جامعة هارفارد ليؤسس “مايكروسوفت”، وفي مصر أيضًا، آلاف النماذج التي حققت نجاحًا مدويًا في مجالات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم الدراسية.

في العصر الحديث، لم يعد النجاح مقصورًا على الوظائف الحكومية أو شهادات الكليات النظرية، بل أصبح مرتبطًا بامتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين: البرمجة، الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، التصميم الرقمي، العمل الجماعي، وريادة الأعمال، وهنا يأتي دور الدولة المصرية، ممثلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي أدركت مبكرًا أن المستقبل ليس لمن يملك درجات أعلى فقط، بل لمن يمتلك مهارات أقوى.

في خطوة استراتيجية تعكس رؤية وطنية متقدمة، دشنت الحكومة المصرية، بالتعاون مع الشركات الوطنية والخاصة الكبرى، سلسلة من المدارس التكنولوجية والتطبيقية، التي باتت نماذج واقعية على الأرض لتعليم الشباب النشء قواعد وأساسيات التكنولوجيا، وتأهيلهم لسوق عمل ديناميكي ومتغير، وذلك إنطلاقاً من إيمانها بالعمل على تمكين جيل قادر على قيادة المستقبل الرقمي في مصر والمنطقة، وهذا التمكين يبدأ من تعليم الأطفال والشباب لغات البرمجة، وأساسيات الشبكات، وأمن المعلومات، والتطبيقات الذكية، وليس فقط مناهج نظرية تُحفظ وتُنسى.

وحالياً لم تعد هذه المدارس مجرد بدائل “لمن لم يحصل على مجموع مرتفع”، بل أصبحت مسارات نُخبوية مهنية وتقنية، تعادل في قيمتها وخريجيها كثيرًا من الكليات النظرية.

حقيقة المجموع لا يعكس المهارات، والذكاء أنواع، كم من طالب متفوق أكاديميًا لكنه عاجز عن إدارة حياته أو تطوير ذاته؟، وكم من طالب حصل على مجموع متوسط أو ضعيف، لكنه يمتلك ذكاءً بصريًا أو اجتماعيًا أو رقميًا أو حركيًا جعله يتفوق لاحقًا..النجاح الحقيقي هو أن تكتشف ذاتك، وأن تستثمر قدراتك، لا أن تُقارن نفسك بالآخرين في سباقٍ واحد لا يناسب الجميع.

تؤمن الدولة المصرية أن الاستثمار في العقل هو استثمار في مصر، وأن ثروة الوطن الحقيقية هي شبابه الواعي والمنتج، ولذلك تُوجّه سياسات متعددة لدعم التعليم التقني والمهني، ومبادرات مثل: مبادرة “مستقبلنا رقمي”، “رواد تكنولوجيا المستقبل”، “مراكز إبداع مصر الرقمية (CREATIVE HUBS)”، “مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية”، “أكاديمية البريد”، شراكات مع شركات مثل سامسونج، هواوي، مايكروسوفت، وفودافون..كلها تصب في هدف واحد: بناء جيل رقمي يعرف طريقه جيدًا، بعيدًا عن عقدة الدرجات والمجاميع.

ختاماً فإن الرسوب أو المجموع القليل ليس نهاية العالم، بل بداية طريق مختلف، والتعليم الحقيقي لا يبدأ ولا ينتهي بشهادة، المهارات الرقمية والمرونة والقدرة على التعلم الذاتي أصبحت هي الأساس، والمدارس التكنولوجية ليست خيارًا ثانيًا، بل اختيارًا ذكيًا.

لا تجعل المجموع يحكم عليك، ولا تسمح لرقم أن يكسر طموحك، فالذين غيّروا العالم لم يكونوا دائمًا أوائل دفعاتهم، بل كانوا أوائل في الإيمان بأنفسهم، والعمل على تطويرها، واقتناص الفرص..وهاهي الدولة تفتح لك الأبواب، فهل تدخل وتبني مستقبلك بنفسك؟

error: Content is protected !!