“أول الغيث قطر ثم ينهمر”..هذا بالتحديد جل ما أخشاه من توغل وتغول وسوء إستخدام المنظومة التكنولوجية بصفة عامة؛ ومنصات التجارة التكنولوجية بصفة خاصة داخل نسيج المجتمع المصرى، وعلى أجيالنا البريئة الصاعدة على وجه الخصوص.
التكنولوجيا لا ينكر أحد فوائدها وإضافاتها الجمة لكافة مناحى الحياة، إلا أن الوجه الآخر لها مخيف، وأنيابه حادة، وسمه زعاف، فعلى سبيل المثال نجحت التكنولوجيا فى إنقاذ حياة الملايين؛ إلا أنها فى الوقت ذاته طورت أسلحة أودت بحياة ملايين آخرين.
التجارة الألكترونية إحدى روافد التكنولوجيا الحديثة، أضافت الكثير الذى لاينكره أحد، أتاحت للملايين فرص ثمينة للعمل، وفتحت أسواقاً للبيع والشراء، وساهمت فى زيادة الدخل لكثيرين، وحركت سوق التصنيع بنسبة ملموسة..كل ذلك من خلال منصات معروفة لشركات عالمية مثل جوميا وسوق كوم، تراعى القيم والأخلاقيات للدول التى تعمل بها..إلا أن “فيسبوك” كان له رأى آخر كعادته.
كما قالوا قديماً: “لا توجد بضاعة مجانية..وإن وجدتها فأعلم أنك أنت الثمن”، فموقع “فيسبوك” مجانى، وبه الكثير من الجوانب المفيدة التى يتم تقديمها مجاناً، وبعد مطالعتى للحكمة السابقة كنت أنتظر من أين ستأتى الكارثة القادمة..وتحقق ظنى مؤخراً، حيث بدأت منذ فترة إنتشار صور الملابس النسائية الداخلية بشكل مكثف على الصفحة الرئيسية للموقع بشكل مخزى، بعدها بدأت هذه الصور فى إتخاذ منحى أكثر إباحية، وتبعه إطلاق منصة “Market place” للتجارة الالكترونية عبر الفيسبوك فى أمريكا فى 2016، ثم غزوها للدول العربية الإسلامية فى مصر والجزائر والمغرب فى توقيت واحد فى فبراير 2018.
فى البداية تداولت المنصة بضائع عادية من ماكولات ومشروبات وملابس وأحذية وغيرهم على منصة فيسبوك للتجارة الالكترونية، ومنذ شهور قليلة بدأت بضائع أخرى تظهر عليها، مثل الدمى والقطع والأعضاء الجنسية، والأدوات التى يستخدمها الشواذ، والأدوية والدهانات المنشطة، ووصل الأمر إلى الحد الذى يهدد أمننا القومى، حيث يتم بكل أريحية عرض مسدسات الصوت، وأجهزة الصعق الكهربائية، وكاميرات المراقبة متناهية الصغر، وأجهزة التواصل اللاسلكية بعيدة المدى، وأجهزة التتبع سهلة الإخفاء.
علامات الاستفهام كثيرة، من أين تأتى هذه البضائع، وكيف دخلت وأصبح تداولها سهل إلى هذه الدرجة، حيث يتم التسليم والتسلم بمحطات المترو، ولماذا يتم إستهداف شبابنا بهذه البضائع مع ملاحظة أن أسعارها فى متناول المواطن الفقير، وهل يخفى على السلطات المنوطة مايتم تداوله عبر منصة “Market place” على فيسبوك، اين قانون التجارة الالكترونية المزمع سنه، وأين هذه المنصة وهذه البضائع من القوانين الحاكمة والمنظمة لسوق التجارة الألكترونية فى مصر..؟