“الإسكندرية”..عروس المتوسط، مدينة مكتظة بساكنيها، تزداد إزدحاماً كل يوم عن اليوم الذى يسبقه، التوسع الوحيد المتاح هو التوسع الرأسي، تشهد نتيجة ذلك كوارث عقارية شبه موسمية، خدماتها تمثل معاناة يومية لمواطنيها، تفتقر إلى الحدود الدنيا للاحتياجات التكنولوجية..وذات يوم أصدر الرئيس قراراً بالتوسع التكنولوجي في الظهير الصحراوي من خلال مدينة ذكية بـ “برج العرب” تبعد قرابة 50 كيلومتر عن الأسكندرية القديمة، لإتاحة الخدمات التكنولوجية “الآدمية” للمواطنين، وجذب الزحف العمراني، وتحقيق مبدأ “العدالة في توزيع الخدمات التكنولوجية”.
شاهدةٌ أرض برج العرب البكر على العبور التكنولوجي من عهد الظلام الخدمي إلى الطفرة التكنولوجية التي تحققت بإنشاء “المدينة التكنولوجية”، رمال صفراء أنبتت بجهد وعرق الكثيرين تكنولوجيا تلمسها الأيدي وتتلقفها أيادي متلهفة، العديد من المباني والقاعات التدريبية لتأهيل شباب مصر أمل المستقبل لاقتحام سوق العمل والمنافسة المحلية والإقليمية والعالمية، الكل يعمل ويجتهد ويري أثر ذلك في وجوه الآخرين..تحولت الصحراء خلال عام واحد إلى منارة تكنولوجية ساطعة.
“ليس من سمع كمن رأي”..حكمة قديمة تحققت أما أعيننا عندما تفقد المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات “مركز الخدمة التكنولوجي” التابع لهيئة البريد ببرج العرب، مواطنون من قلب محافظة الأسكندرية فضلوا الذهاب للحصول على الخدمات من هذا المركز مستخدمين وسائل النقل التي أتاحتها المدينة لهم، عيونهم تلمع بالثناء وألسنتهم تصدع بالشكر على المعاملة “السريعة الذكية” وفوق ذلك “الآدمية”، قاعات مكيفة، الترتيب إلكتروني بالأرقام، كافة التعاملات الخدمية متاحة إلكترونياً في لحظات.
أفواج من الطلبة والطالبات، من محافظات أكثر بعداً -مثل الغربية والبحيرة- إكتست مطالبهم بلباس التوسل بإنشاء مدن تكنولوجية مماثلة فى محافظاتهم، ضاربين كافة الأصوات الرافضة لمثل هذه الصروح التكنولوجية فى مقتل، فالمدن الذكية مهدت لظهور أجيال من المبتكرين والموهوبين المصريين لا أدري ماذا كان مصيرهم دونها.
أحد قيادات القطاع همس لي أن رئيس إحدي الشركات العالمية أكد له أنه لم يكن يتوقع أن يجد له مكان لشركته للإستثمار فى مصر، إلا أن الدهشة أصابته بتعدد المدن التكنولوجية المتاحة للمشاريع العالمية والاستثمار.
الزحف العمراني فى الصحراء تجاه مدينة برج العرب التكنولوجية يشهد نمواً مذهلاً، التخطيط السكني والمروري رائع، جهد دؤوب من قبل قادة القطاع لتنفيذ قرارات الرئاسة حرفياً خلال الجدول الزمني، الصورة أكثر من مشرفة لتعاون مؤسسات وهيئات القطاع، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، هيئة البريد المصري، الشركة المصرية للاتصالات، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
غادرنا “برج العرب” -مفخرة القطاع التكنولوجي- ولازالت محفورة صورتها فى الذاكرة، على وعد قريب بزيارة شقيقتها فى أسيوط، ومثيلاتها فى محافظات أخري فى المستقبل القريب..أيقونات الاستثمار التكنولوجي فى الشباب.