
في خضم تعقيدات المشهد السوري، برزت التقنيات المتقدمة كعنصر حاسم في تعميق الأزمة، ليس فقط عبر وسائل الإعلام والتواصل، بل من خلال الهجمات السيبرانية المنظمة التي استهدفت البنية الأمنية والعسكرية للدولة. فمع تصاعد الصراع، تم تسريب وثائق حساسة وأسماء مسؤولين، في حين جرى استخدام برمجيات خبيثة متطورة للتجسس على معلومات حول صفقات التسلح ونشاطات القوات المسلحة.
ومن أبرز هذه الهجمات، ظهور برنامج SilverHawk؛ وهو أحد أدوات التجسس الإلكتروني المصممة خصيصًا لاستهداف أجهزة أندرويد وسرقة البيانات منها. يتميز البرنامج بقدرته على جمع معلومات حساسة مثل ضغطات المفاتيح، ولقطات الشاشة، والملفات الشخصية، وحتى الاتصالات، دون أن تكتشفه برامج الحماية التقليدية. وبفضل هذه القدرات، مكّن SilverHawk المهاجمين من مراقبة الأجهزة عن بعد، مما زاد من نفوذهم في الساحة السورية.
ورغم عدم التأكد من الجهة المسؤولة عن تطوير البرنامج، تشير تقارير أمنية إلى احتمال ارتباطه إما بجهات إسرائيلية أو بأجهزة الاستخبارات الأمريكية، مما يسلط الضوء على البعد الدولي في حرب التجسس السيبراني على سوريا.
لقد أدت هذه الهجمات إلى كشف المنظومة الأمنية والعسكرية السورية، الأمر الذي أسهم في تفكيك الدولة من الداخل. وفي حين أن التكنولوجيا الحديثة كان يمكن أن تُمثل فرصة للتنمية والاستقرار، إلا أنها في الحالة السورية تحولت إلى أداة فاعلة بيد أطراف متعددة لتقويض سيادة الدولة، وتأجيج النزاع، وتغذية الانقسام، مما أضعف فرص الحل السياسي.
وتؤكد هذه التجربة المأساوية الحاجة الملحة في العالم العربي إلى بناء استراتيجيات رقمية شاملة، تشمل حماية البنية التحتية، وتنظيم استخدام التكنولوجيا، وتعزيز الأمن السيبراني، لضمان ألا تتحول أدوات العصر الرقمي إلى وسائل لـ تفكيك الدولة، بل تكون حصنًا في وجه الانهيار.
المصدر