نقرأ معا من صفحات الموسوعة العبقرية لجمال حمدان بعنوان ” شخصية مصر “- ص (13) إلي (146): “في المحصلة الصافية فإن مصر نصف أوروبية، ثلث آسيوية، سدس إفريقية”.
“مصر- وإن تكن إفريقية بأرضها ومائها، إلا أنها قوقازية أوروبية بجنسها ودمائها، والمصريون بهذا المعنى أنصاف أو أشباه أوروبيين، وهي قطعة من إفريقيا، لكنها بضعة من أوروبا، في إفريقيا وليست منها، ومن أوروبا وليست فيها، غير أنها الى ذلك آسيوية التوجيه والتاريخ والتأثير والمصير، إنها بآسيا وإليها.
أوروبا تبدأ عند الاسكندرية، وآسيا عند القاهرة، وإفريقيا عند أسوان، وتعدد هذه الأبعاد يعني تعدد الجوانب وثراء الشخصية لا انفصامها، فإن مصر لا تشعر بينها، بدوار جغرافي”.
“وهكذا جمعت مصر في آنٍ واحد بين قلب أفريقيا وقلب العالم القديم، فظفرت من النيل بجائزته الكبرى دون موقعه الداخلي السحيق المعوق، واستبدلت به موقع البحر المتوسط المتقدم المتألق، واكتفت من العروض السفلى واستبدلت بحرارتها الحيوية المشرقة دون تطرفها الوائد، ثم استكملتها بمؤثرات عروض الخيل الملطفة المنعشة، فكان صيفاً بلا سحاب وشتاءً بلا صقيع هي أصلاً حياة بلا مطر.
“في جميع الأحوال فإن مصر هي واسطة كتاب الجغرافيا تحولت الى فاتحة كتاب التاريخ. وفي جميع الأحوال أيضاً فإن السبق الحضاري ملمح أساسي بلا نقاش في شخصية مصر”.
تغيير الجينات الوراثية المصرية نتيجة الاختلاط بالمهاجرين والغزاة، فمنذ الألفية الأولى – قبل الميلاد – شهدت مصر عددا متزايدا من الأجانب عبرت حدودها وتعرضت لسلسلة متواصلة من الاستعمار الأجنبي من الليبيين والآشوريين والكوشيين والفرس واليونانيين والرومان والعرب والأتراك (الحيثيين) والبريتس.
في بحث نشرته صحيفة ” إكسبريس ” البريطانية بتاريخ 30 مايو عام 2017 ، نقرأ ما يلي:
قام فريق العلماء بتحليل الحمض النووي القديم من المومياوات المصرية التي يرجع تاريخها إلى ما يقرب من 1400 قبل الميلاد إلى 400 ميلادي – واكتشفوا التشابه الوراثي بينهم وبين جينات شعوب البحر الأبيض المتوسط.
كما أجري باحثون من جامعة توبنجن ومعهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري في جينا أول دراسة لإنشاء قاعدة بيانات جينية مناسبة لدراسة الماضي القديم.
نشرت مجلة “ناتشر كوميونيكيشنز- NATURE COMMUNICATIONS “، دراسة قادها باحثون في معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري وجامعة توبينجن في ألمانيا علي جينات 151 مومياء مصرية أقدمها يرجع عمرها إلي 1388 قبل الميلاد، باستخدام الكربون المشع .
وكشفت أن المصريين الجدد أقرب في الصفات الجينية من الأفارقة (جنوب الصحراء الكبرى) مقارنة مع المصريين القدماء.
وقال جوهانس كروس، الأستاذ بجامعة توبينجن للعلم الباطني ومؤلف الدراسة : “بالنسبة إلى مرحلة 1300 سنة قبل الميلاد، وعلى الرغم من الغزوات والهجرات المتكررة لمصر، من اليونان، الرومان، والعرب، الآشوريون – القائمة تطول – أظهرت تأثيرا علي المحتوي الجيني المصري لكنه بقي تأثيرا بسيطا نظرا لقوة المحتوي الجيني الأصلي للمصريين.
وكان المصريون القدماء على صلة وثيقة بجينات شعوب شرق البحر الأبيض المتوسط ، كما تبادلوا الجينات مع سكان شبه الجزيرة التركية وأوروبا.
وقال كراوس أنه نظرا لموقع مصر عند تقاطع أفريقيا وأوروبا وآسيا، وتدفق الحكام الأجانب، فقد فوجئ بصمود العوامل الوراثية المصرية بدرجة كبيرة رغم ما اعتراها من تغييرات واضحة ظهرت آثارها علي المصريين الجدد مقارنة بقدماء المصريين.
ويختتم البروفيسور يوهانس كروس، من معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشرى فى ألمانيا، : “أحد أسباب هذه الدراسة هو محاولة معرفة متى تم غزو مصر من قبل اليونانيين أو النوبيين أو الرومان، ومدي تأثير ذلك على التركيبة الجينية للسكان.
وأوضح : لقد غزاها الآشوريون من الشرق الأدنى، النوبيون من الجنوب إلى أقصى شمال النيل والفرس واليونانيين والرومان، من بين آخرين. وكان السؤال: “هل كان لهذه الفتوحات الأجنبية تأثير جيني؟”.
وأجاب أنه “بدلا من اكتشاف روابط جينية أقوي بين المصريين القدماء وبين الأفارقة – فوجئنا بعلاقات جينية أقوي مع الآسيويين والأوروبيين!!
جينات المصريين الجدد: سنة 2013، أجريت أول دراسة وراثية علي أجداد المصريين لتقييم أصالة الحمض النووي القديم ومقارنتها عن طريق أنماط ميكروكوربوراتيون النوكليوتيدات.
واستخرج الباحثون الحمض النووي من رؤساء خمس مومياوات مصرية ترجع أعمارها ما بين 806 قبل الميلاد و 124 ميلادية.
لاحظ الباحثون أن إحدي المومياوات تنتمي إلى هتبلو جروب هلاو جروب متنا، وهو إنسان موطنه الأصلي : غرب آسيا.
أظهرت دراسات أخرى عن التحليل الجيني لـ 93 مومياء ، أن المصريين الجدد لديهم ارتباطات وراثية في المقام الأول مع سكان آسيا وشمال وشمال شرق أفريقيا وسكان الشرق الأوسط والأوروبيين.
وتشير بعض الدراسات الجينية التي أجريت على المصريين الجدد إلى وجود علاقة أبعد مع أفارقة جنوب الصحراء الكبرى. وروابط أقرب مع أبناء شمال وغرب أفريقيا.
وتشير بعض الدراسات إلى وجود روابط أقل مع السكان في الشرق الأوسط، فضلا عن شعوب جنوب أوروبا خاصة في العصر البطلمي (332-30 قبل الميلاد) والروماني (30BCE-395CE).
وظلت مصر محتفظة بثباتها الجيني حتي عام 30 قبل الميلاد عندما أعلنت مصر محافظة رومانية وظلت كذلك حتى الفتح العربي في القرن السابع الميلادي، وكان الغزو الروماني و الفتح العربي الإسلامي لهما الأثر الأهم في إعادة البناء الجيني للمصريين.
ict-misr.com/wp-content/uploads/2018/04/مسئولية-المقالات-300x62.jpg" alt="" width="571" height="118" />