أخبارالأرشيفتقارير
أخر الأخبار

قبل الوقوع فى ” مصيدة الإذلال الرقمي”: إحذري “الشغل من البيت”

الاستماع للخبر

شغل مضمون ومن البيت..والقبض من أول يوم، ابعتيلي على الخاص”، هكذا تبدأ القصة التي قد تنتهي بكارثة، رسالة قصيرة تُكتب بعناية، تُرسل إلى آلاف الفتيات عبر موقع فيسبوك، وتبدو للوهلة الأولى كفرصة عمل بسيطة وآمنة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية ورغبة الكثير من الفتيات وربات البيوت في تحقيق دخل إضافي من منازلهن، ولكن خلف الكلمات الناعمة يكمن فخ خطير من نوع جديد: فخ دعارة رقمية مقنّعة..”آى سى تى-مصر”تناقش هذه الظاهرة.

البداية..”وظيفة” مريحة وسريعة الدفع

تقول “سارة”، طالبة جامعية في المرحلة الثانية، إنها تلقت الرسالة من فتاة تبدو طبيعية عبر “ماسنجر”، تعرض عليها عملًا بسيطًا من المنزل، دون خبرة أو مجهود، مقابل مبلغ يتجاوز 300 جنيه في اليوم، “كنت أبحث عن فرصة شغل لأن والدي مريض وأنا عايزة أساعد في مصاريف البيت”، هكذا بدأت سارة حكايتها.

لم تمر ساعات حتى بدأت التفاصيل تتضح؛ العمل كما تم عرضه عليها، عبارة عن التحدث مع أشخاص عبر تطبيق معين، يتم تحميله بسهولة على الهاتف، ولا يحتاج إلى كشف الهوية، ولكن بعد الدخول إلى “غرف المحادثة”، بدأت تطلب منها “المديرة” استخدام لغة إباحية صريحة، والتفاعل مع غرباء بأسلوب غير أخلاقي، مقابل نقاط” تتحول إلى أموال لاحقًا.

شبكة إلكترونية منظمة..بصور مزيفة وحسابات وهمية

يقول المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات: “إن ما نشهده اليوم من شبكات دعارة رقمية مقنّعة هو نتيجة طبيعية لتطور أدوات الاحتيال الإلكتروني، حيث يتم استخدام حسابات مزيفة على فيسبوك تحمل صور فتيات جميلات لجذب الضحية، وتبدو الحسابات حقيقية بالكامل من حيث المنشورات والتفاعلات”، مضيفًا: “بعد التواصل الأول، يتم نقل الفتاة إلى تطبيق خارجي غالبًا غير معروف، وهناك تبدأ عملية الابتزاز أو الاستغلال“.

وفي كثير من الحالات، يطلب من الفتيات دعوة أخريات مقابل مكافآت إضافية، مما يوسّع الشبكة بشكل هرمي، ويحوّل الضحية إلى جزء من منظومة الاستدراج نفسها، دون أن تدرك أنها أصبحت أداة في سوق رقمي مظلم.

أرباح مشروطة بـ”الحديث الخادش

تُقاس أرباح الفتيات في هذه التطبيقات بما يُعرف بـ”النقاط”، التي تُمنح وفقًا لطول المكالمة أو مدى “الإثارة” في الحديث، وبعض التطبيقات تتيح تحويل هذه النقاط إلى دولارات يتم استلامها من خلال محافظ إلكترونية، ولكن بشروط خفية، تقول “نهى”، التي خاضت التجربة لمدة يومين ثم انسحبت: “قالولي إن لازم أتكلم بطريقة مثيرة علشان الناس تدخل تتفاعل معايا، وكل ما المكالمة تطول، تكسبي أكتر..وبمرور الوقت، تكتشف الفتاة أن المال الموعود لا يأتي أبدًا، أو أنه مشروط بإرسال صور حقيقية أو أداء مهام أخرى أكثر خضوعًا؛ “فيه بنات بيتحولوا من مستخدمات للتطبيق إلى ضحايا للابتزاز”.

استغلال نفسي واقتصادي

وتحذر الدكتورة هبة عبدالعال، أستاذة علم الاجتماع، من أن مثل هذه التجارب تترك آثارًا نفسية مدمرة على الفتيات، خاصة المراهقات أو من ينتمين إلى طبقات اجتماعية تعاني من الضغوط الاقتصادية، وتضيف: “البنت تبدأ وهي فاكرة إن ده شغل، وبعدها تكتشف إنها دخلت عالمًا من الإذلال الرقمي، بس بيكون فات الأوان..وبتخاف تبلغ لأنها هتتحاسب بدل ما تاخد حقها“.

التوعية والملاحقة القانونية

رغم الجهود الأمنية المتفرقة، لا تزال هذه الظاهرة تنتشر بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، مستفيدة من ضعف الرقابة وصعوبة تتبع الحسابات المزيفة، ويرى اللواء جمال يوسف، خبير الجرائم الإلكترونية، أن الحل يبدأ بتفعيل دور وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتعزيز التعاون بين شركات التكنولوجيا والأجهزة الأمنية، لتحديد مصادر هذه الشبكات ووقفها عند المنبع..كما يشدد على أهمية توعية الفتيات والأسر، بعدم الانسياق خلف العروض المشبوهة، والإبلاغ الفوري عن أي محاولة استغلال.

في الوقت الذي تبحث فيه آلاف الفتيات عن فرص عمل حقيقية وآمنة، تستغل بعض الشبكات هذا الاحتياج لتنفيذ عمليات احتيال واستغلال جنسي مغلف بعبارات “مشروعة..وتبدأ “الوظيفة” برسالة على فيسبوك، وتنتهي بدمار نفسي، وابتزاز، وأحيانًا التورط في جرائم لا يدركن عواقبها إلا بعد فوات الأوان.

error: Content is protected !!