
فجر الأربعاء الماضي 14 مايو 2025، شعر سكان القاهرة الكبرى وعدة محافظات مصرية بهزة أرضية بلغت قوتها 6.4 درجة على مقياس ريختر، مصدرها شرق جزيرة كريت بالبحر المتوسط وعلى عمق 76 كيلومترًا.
ورغم أن الزلزال لم يسفر عن خسائر بشرية أو مادية تُذكر، إلا أنه أعاد تسليط الضوء على أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية، خاصة الزلازل.
وأظهر الزلزال الذي ضرب مصر الأيام الماضية أهمية الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز القدرة على التنبؤ بالكوارث الطبيعية والاستجابة لها بفعالية، من خلال تطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين تقييم الأضرار، وتعزيز جهود الإغاثة، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حماية الأرواح والممتلكات.
وتتعدد وسائل تكنولوجيا المعلومات التي تقوم بدور هام في التحذير قبل وقوع الكارثة، وتُعد أنظمة الإنذار المبكر من أبرز تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في مواجهة الزلازل.
وتعتمد هذه الأنظمة على شبكات من أجهزة الاستشعار الزلزالية التي تلتقط الموجات الأولية للزلازل، وتستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحديد مدى خطورة الهزة.
وبفضل هذه التقنية، يمكن إصدار تحذيرات قبل ثوانٍ أو دقائق من وصول الموجات التدميرية، مما يمنح السكان والجهات المعنية وقتًا لاتخاذ الإجراءات الوقائية.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور عادل الفريحات، الخبير في المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية، إلى أن “أنظمة الإنذار المبكر تُعد من أهم أدوات التخفيف من آثار الزلازل، حيث تتيح وقتًا ثمينًا لاتخاذ الإجراءات الاحترازية، مما يقلل من الخسائر البشرية والمادية”.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد الجندي، خبير الأمن السيبراني وتكنولوجيا الاتصالات، أن “فعالية أنظمة الإنذار تعتمد أيضًا على البنية التحتية الرقمية للدول، ومدى تكاملها مع أنظمة الاتصالات الحديثة، وهو ما يستدعي خططًا استراتيجية طويلة الأجل لتطوير شبكات الاتصالات في المناطق المعرضة للخطر”.
وبعد وقوع الزلزال، يصبح تقييم الأضرار أمرًا حيويًا لتوجيه جهود الإغاثة بشكل فعال، وتُستخدم الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات عالية الدقة لالتقاط صور للمناطق المتضررة، بينما تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتحليل هذه الصور لتحديد حجم الأضرار وتحديد الأولويات في عمليات الإنقاذ.
وبحسب تقرير نشرته “Sensors”، فإن “تطوير أجهزة استشعار حديثة كان له دور حاسم في مراقبة الزلازل والتنبؤ بها، بالإضافة إلى التوجيه أثناء الطوارئ والاتصالات والبحث والإنقاذ واكتشاف الحياة”.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور طارق بدوي، أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة القاهرة، إن “دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البيانات الجغرافية والزلزالية أصبح من أهم أساليب التنبؤ الحديث، وهو ما يفتح المجال أمام إنشاء خرائط تفاعلية توضح المخاطر المحتملة بدقة متناهية”.
ويمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من أجهزة الاستشعار والسجلات التاريخية لتحديد المباني والبنى التحتية الأكثر عرضة للضرر في حال وقوع زلزال، ويسمح ذلك للسلطات باتخاذ إجراءات استباقية لتعزيز هذه المنشآت وتقليل مخاطر الانهيار.
وأشار تقرير صادر عن “الجزيرة نت” إلى أن “الذكاء الاصطناعي يساعد الخبراء على تحديد المناطق الأكثر عرضة لأنواع معينة من الكوارث مثل الفيضانات أو الانهيارات الأرضية بكفاءة”.
وتُستخدم تطبيقات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي لتنسيق جهود الإغاثة وتوجيه المتطوعين إلى المناطق الأكثر تضررًا، كما تُستخدم البيانات المجمعة لتحديد الاحتياجات الفورية للسكان المتضررين وتوفير المساعدات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
ووفقًا للبنك الدولي، فإن “أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، مثل الأقمار الصناعية الصغيرة، تُستخدم في إنشاء بيانات الكوارث وتقييمها بصورة آلية بغرض تقييم الضرر المباشر والخسائر الناجمة عن الفيضانات”.
ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، فإن “استعمال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل إدارة الكوارث يُعد أمرًا حيويًا في جميع مراحل الكوارث، بما في ذلك الوقاية والتأهب والاستجابة والتعافي”.
وتلعب تكنولوجيا المعلومات دورًا مهمًا في نشر الوعي حول كيفية التصرف أثناء الزلازل من خلال تطبيقات تعليمية ومحاكاة افتراضية، وتُساعد هذه الأدوات في تدريب السكان على الإجراءات الصحيحة أثناء الكوارث، مما يقلل من الإصابات والخسائر.
وفي السياق نفسه، شددت الدكتورة ريم الحناوي، خبيرة التخطيط العمراني، على “ضرورة تضمين تقنيات الإنذار الذكي ضمن المخططات الحضرية الجديدة، بحيث تُدمج في المباني والبنية التحتية لضمان استجابة أسرع وأكثر دقة في حال وقوع كوارث مفاجئة”.
وأشار تقرير لمنظمة العمل الدولية إلى أن “تحليلات المخاطر والضعف هي الأنشطة العلمية التي توفر الأساس للمهام التطبيقية للحد من المخاطر والتأهب للطوارئ”.