خاتمة مذكرات “كمال حسن على” شائقة للغاية، ومؤثرة جدا..
فالرجل يحكي عن مشواره في وزارة الخارجية، بعد مغادرة وزارة الدفاع، ثم رئاسة مجلس الوزراء، ولا يتكلم عن أسلافه في كل المواقع التي تولاها إلا بأطيب الحديث، وأفضل الأوصاف. يعرض أيضا لإنجازاته بطريقة تؤكد أنه كان يجيد التعبير عن نفسه، ويمتاز بحسن الدفاع عن آرائه ووجهات نظره، دون تجريح أو غض من أقدار الآخرين.
رحمه الله كان نموذجا للقيادي الفذ، والإداري الناجح، وإن لم تكن له كاريزما البطل الشعبي، وفي ذلك يختلف عن غيره من العسكريين الكبار الذين أنجبتهم مصر، لا سيما جيل النصر العظيم في أكتوبر 1973، أمثال أحمد بدوي، وعبد الحليم أبو غزالة، وسعد الدين الشاذلي، وقبل هؤلاء بالطبع القائد العظيم عبد المنعم رياض، رئيس الأركان الأسبق.
لم يكن كمال على يتمتع بتلك الكاريزما التي تهيئ له شعبية وأنصارا في الشارع، لكنه كان يحظى بقبول كبير لدى القيادة السياسية من عبد الناصر إلى مبارك مرورا بالسادات طبعا.
السادات كان صاحب حظ وافر في دفاع الفريق أول “كمال حسن على”، حيث يقول: من المؤسف أن الرجل الذي كان محل تقدير العالم كله، والذي أهداه جائزة نوبل للسلام، بدأت كثير من الأباطيل المزيفة تتناثر بعد وفاته، تفنن أعداء البلاد في اصطناعها عن دهاء، ثم تفنن الجاهلون في ترويجها عن جهل وغير إدراك. وفي رأيي أن الرد على هذه الأباطيل لا يساوي حتى ثمن المداد الذي تكتب به.
ويضرب مثلًا بتهمة اغتيال أحمد بدوي ورفاقه في حادث الهليكوبتر.. قائلًا: تصادف أني ذهبت لنفس المكان مرتين عندما كنت وزيرًا للدفاع، مصطحبًا معي مجموعة القادة أنفسهم تقريبا للمرور على وحدات سيوة ضمن قوات المنطقة الغربية، إلا أنني بعد هبوط الطائرة الهليكوبتر في المرة الأولى وفي المكان نفسه لاحظت صعوبة النزول والصعود بالطائرة في هذا المكان الضيق المحاط بالأسلاك، ولذا كان إصراري في المرة الثانية على الهبوط خارج بلدة سيوة، حيث أقلتنا السيارات إلى داخلها..ثم رأيت أن أقسم القادة إلى مجموعتين حتى لا أعرض الجميع للخطر.
ويستعرض ما يسميه “فرية أن حرب أكتوبر لم توضع خطتها في عهده”.. ويؤكد: “للحق أقول إنه حتى آخر يوم في حياة عبد الناصر لم يكن لدينا سوى خطة دفاعية تتحول إلى الهجوم المضاد، ومطاردة العدو في حالة بدئه هو بالهجوم، هذا بالإضافة إلى خطط استنزاف التي كانت توضع وفقا لمقتضيات الموقف والمتوافر من السلاح”.
نكتفي بهذا القدر النذر من الذكريات الممتعة، وكنت أتمنى لو كانت كل المذكرات التي يكتبها المتقاعدون بهذا الحجم من الصدقية والتسامح مع النفس ومع الآخرين.. ولحين العثور على قائد آخر، وقد يكون في مجال مختلف، نستودعكم الله.
فيتــو 6 أبريل 2018
ict-misr.com/wp-content/uploads/2018/04/مسئولية-المقالات-300x62.jpg" alt="" width="571" height="118" />