محمود الحضرى يكتب: ومازال القصاص من الخونة والقتلة قائماً
بعد أن هدأت الأمور قليلاً وفي وقت مازالت القلوب تُدمي على الضحايا الذين راحوا غدراً وفي جزء منه إهمال، اتصلت بأم الشهيد الضابط أحمد، إبن أخ صديقي دكتور نشأت، لمواساتها في أعز أبنائها، فردت ..عزائي يوم قتل القتلة وقتل من نقل المعلومات للقتلة.. ومحاسبة من أهمل وقصّر، وصمتت!.
شعرت بالخجل من نفسي ومن كل من هم حولي، فلن أستطيع مواجهة السيدة فردوس أم احمد، فكلامنا جميعاً في كل وسائل الإعلام مجرد “طنطنه”، بينما كلماتها لي على الهاتف حملت وتحمل الكثير والكثير، .. واكتفيت بالقول “صح لابد أن يدفع من أخطأ الثمن، ولابد من القصاص العملي وبمعلومات”.
وعلى شاشات التلفزيون وبعد الحادث، كنت أقول أن هناك خطأ جسيم وقع، أضاع معه أشقاء وأبناء، وهناك من باع وخان وربما قبض مقابل خيانته، وابسط تقدير أن التطهير مهم، مهما كان الثمن، وفي النهاية الإرهاب سحابة وستنتهي، مثلما عشنا سنواته قي الثمانينيات، والتسعينيات من القرن الماضي، .. إلا هناك ثمن بالدم، جزء منه في المواجهة، وآخر بسبب من يخون ويستمر في الخيانة.
وفي المقابل ومع كلمات الست فردوس أم أحمد، شعرت بحالة من الضيق الشديد من هؤلاء الذين سادت بينهم الشماته على ضحايا يحاربون مجهولاً بشكل دائم، ومجرمون لا دين ولا عقل لهم، ومنحرفين دينياً وربما أخلاقياً، ولكن الأخطر هو محاربة من هم بينهم!.
غياب التنسيق كان واضحاً، ونقص المعلومات كان معلوماً من اللحظة الأولى للحادث، والعمل الفردي حتى داخل الأجهزة الأمنية، وليس بين الوزارات فقط، قد كشف عن نفسه في قراءة التفاصيل، وهناك من قرر أن ينفرد بالمواجهة، وارتكب من الحماقات ما هو واضح.
صحيح أننا بشر وهناك من تسقط منه دقة التقديرات والترتيبات، لكن في بعض الأمور الخطأ مرفوض، ففي الحروب – والتعامل مع الإهاب حرب – نسبة التصويب لابد أن تكون مبنية على نسبة الـ100% نجاح، والإصابة في الهدف المستهدف، والتراجع خطوة أهم وأفضل من الإقدام خطوة لنتيجة نسبتها 90%.
ولم تمر أيام قليلة وجاءت عمليات أولية للرد على غضب “أم الشهيد احمد”، وأمهات وثكالى أخريات، .. ولكن هل هذا يرضيهن!!.
ولاشك أن قرار رئيس الجمهورية بتعيين رئيس أركان جديد، واقالة رئيس الأركان السابق، جزء من معالجة اخطاء جرت، واسرار جاءت في التقارير التي تلقاها الرئيس حول ملابسات حادث رفح، خصوصاً أنه ترافق مع قرار الإقالة، مجموعة تغييرات واسعة طالت مسؤولين قريبين من ملف “الواحات” وهو ما يؤكد أن هناك أخطاء بالجملة قد وقعت.
وبقراءة بسيطة للتغييرات يتضح فحوى القرار لمعالجة خطأ كبير، وقع فيه كبار، فالقرار شمل مناصب رفيعة المستوى في الوزارة ومحافظة الجيزة تحديداً، وعلينا أن نلاحظ مناصب المقالين، “اللواء هشام العراقي مساعد الوزير لقطاع أمن الجيزة، واللواء محمود شعراوي مساعد الوزير لقطاع الأمن الوطني، واللواء إبراهيم المصري مدير الأمن الوطني بالجيزة، ومدير إدارة العمليات الخاصة بالأمن المركزي”.
ولكن مازالت تساؤلات السيدة فردوس أم الشهيد أحمد، ترن في أذني، .. فهل هذا هو ما يشفي قلبها وقلوب غيرها، الدامي، .. في وقت مازال الخونة يرتعون دون رادع أو حساب، والقتلة يمرحون في ربوع أراضي مصر وشوارعها، دون قصاص، الجميع ينتظرون أكثر من ذلك.
WWW.ict-misr.COM