في عصر تحدد فيه السرعة الرقمية مكانة الأمم، تبرز جهود لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري كواحدة من اللجان الحيوية والفاعلة، حيث تتقاطع في أعمالها استراتيجيات التنمية مع احتياجات المواطن اليومية.
وخلال الدورة البرلمانية الماضية، لم تكن اللجنة مجرد منصة لمناقشة القوانين، بل تحولت إلى ورشة عمل دائمة لمراجعة السياسات العامة، واستعراض أداء الجهات التنفيذية، وفتح حوار مجتمعي حول القضايا التكنولوجية الشائكة.
في هذا التقرير الشامل نرصد بالتفصيل أبرز محطات ونشاطات اللجنة خلال الدورة البرلمانية الماضية، من حيث المشروعات القانونية، والقرارات، والحوارات المجتمعية التي شكلت ملامح عملها، وكيف أسهمت في رسم ملامح قطاع الاتصالات المصري في مرحلة بالغة الحساسية والتطور.
شكل الجانب التشريعي حجر الزاوية في عمل اللجنة، حيث بذلت جهداً كبيراً في مناقشة وإقرار عدد من المشروعات والقوانين المحورية: حيث تم مناقشة قانون تنظيم الاتصالات (قانون 10 لسنة 2003 وتعديلاته)، وركزت اللجنة على مراجعة التعديلات المقترحة للقانون لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وضمان وجود إطار تنظيمي يحقق المنافسة العادلة ويجذب الاستثمار.
كذلك ناقشت اللجنة بإسهاب آليات حماية البيانات الشخصية للمشتركين، وضمان الخصوصية في ظل انتشار الخدمات الرقمية، وتناولت القيود المفروضة على حصة ملكية الأجانب في شركات الاتصالات، في إطار موازنة بين جذب الاستثمار الأجنبي والحفاظ على الأمن القومي.
وناقشت صلاحيات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وعلاقته بوزارة الاتصالات، لضمان تحقيق الاستقلالية والفاعلية في التنظيم.
كما قامت اللجنة بمتابعة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (قانون 175 لسنة 2018)، وخصصت اللجنة جلسات لاستماع تقييمات من الجهات المعنية (النيابة العامة، وزارة الداخلية) حول تطبيق القانون في مواجهة الجرائم الإلكترونية المتنامية مثل الاختراق والابتزاز الإلكتروني والتشهير، وناقشت التحديات التشغيلية والقانونية في مواكبة الأساليب المتطورة للجريمة الإلكترونية.
وكذلك ناقشت قانون تنظيم الصحافة والإعلام (في جوانبه المتعلقة بالمواقع الإلكترونية ومنصات البث)، وشاركت اللجنة في مناقشة الجوانب الفنية والتقنية المتعلقة بتنظيم عمل المواقع الإلكترونية الإخبارية ومنصات البث الرقمي، وعلاقتها بقطاع الاتصالات والبنية التحتية للإنترنت.
وناقشت قانون الحماية من مخاطر المعلومات المضللة (الشائعات)، وناقشت اللجنة الجوانب التقنية لدور مقدمي خدمات الإنترنت ومنصات التواصل في مواجهة الشائعات والمعلومات المضللة، والموازنة بين مكافحتها وضمان حرية التعبير.
وتميز عمل اللجنة بالنشاط الرقابي المكثف من خلال طلبات الإحاطة: حيث قدم أعضاء اللجنة عشرات الطلبات حول قضايا مثل جودة خدمات الإنترنت الثابت والمنقول (الـ 4G) في المحافظات والمناطق النائية، وسياسات التسعير ومدى عدالتها بالنسبة للمواطن، وأزمة شرائح المحمول المسجلة والبيانات البيومترية، وخطط تطوير البنية التحتية للاتصالات في المدن الجديدة، والإجراءات المتخذة لحماية الشباب من أخطار الإنترنت.
وتناولت الاستجوابات الموجهة لوزير الاتصالات: تقييم أداء الشركات الأربع مشغلي خدمات الهاتف المحمول ومدى التزامها ببنود التراخيص، أسباب الانقطاعات المتكررة للإنترنت في بعض الأوقات وتأثيرها على القطاعات الحيوية، واستراتيجية الدولة تجاه تكنولوجيا الجيل الخامس 5G وجدوى طرحها وتأثيرها على الصحة، ملف صيانة كابلات الإنترنت البحرية وتعويضات الانقطاعات التي تتعرض لها.
واستمعت اللجنة لشرح مفصل من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حول الخطط الاستراتيجية للوزارة، ومشروعات التحول الرقمي، ومبادرة “روابط مصر”، ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، حول آليات الرقابة على السوق، وحل منازعات المشتركين، ومراجعة الأسعار، ورؤساء شركات الاتصالات (فودافون، أورانج، اتصالات، وي) لعرض خطط التطوير والاستثمار والتحديات التي تواجههم..ومسؤولين من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) حول دعم صناعة التعهيد والشركات الناشئة.
ولم تغب القضايا المجتمعية الشائكة عن جدول أعمال اللجنة، حيث ناقشت الشمول المالي الرقمي: ودور خدمات المحمول في نشر الخدمات المالية للمناطق غير المصرفية، والتعليم عن بُعد وتقييم البنية التحتية والتجربة أثناء جائحة كورونا وما بعدها، والصحة الإلكترونية وكيفية تسخير التكنولوجيا لتحسين الخدمات الطبية، الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات.
وناقشت اللجنة ضرورة وضع إطار أخلاقي وتنظيمي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مصر، وأمن الفضاء الإلكتروني وحماية الأطفال وضرورة التعاون بين الجهات التشريعية والتنفيذية والأسر لخلق بيئة رقمية آمنة، ومشروعات المدن الذكية: وكيفية دمج حلول تكنولوجيا المعلومات في التخطيط العمراني الجديد.







