“م. خالد فوزى” يكتب: ثقة العملاء في القطاع المصرفي
البنوك لا تحافظ علي استثمارات العملاء ومدخراتهم فحسب، بل تؤمن أيضًا الأصول الغاية في الأهمية مثل المعلومات والبيانات الشخصية، ولذلك يعتمد القطاع المصرفي الذي يتبنى استراتيجية العميل أولًا ويقدم تجارب سلسة على الثقة اعتمادًا أساسيًا.
وفي هذا الصدد، يلعب أمن المعلومات دورًا جوهريًا في الحفاظ على ثقة العملاء من خلال تعزيز استراتيجيات العميل أولًا، فمن الصعب كسب ثقة العملاء في الخدمات المصرفية، وعلى العكس من السهل جدًا خسارتها، حيث يعد كسب ثقة العملاء والحفاظ عليهم أمرًا غاية في الصعوبة، ولذلك فإن فقدان العملاء أمر مثير للقلق لجميع المؤسسات.
وحيث أن البنوك تعمل في سوق مليء بالمنافسة، فإن المؤسسات الرقمية مثل مؤسسات التكنولوجيا المالية وعمالقة التكنولوجيا مطالبون بتبسيط تجربة العملاء وتقديم خدمات مبتكرة لزيادة الاعتماد علي الخدمات الرقمية.
علاوة على ذلك، يعتبر كسب العملاء و الحفاظ علي ثقتهم عملية مُكلفة أكثر من تقنيات التكنولوجيا المالية بالنسبة للبنوك، كما أن ثمن فقدان العملاء باهظ للغاية، وهنا نتساءل: هل يثق العملاء في البنوك؟ وهل أثرت الشركات الرقمية على تلك الثقة وأضعفتها؟
ونطرح الإجابة للنقاش، حيث كشف تقرير Ernst & Young أن 17٪ فقط من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يثقون في أنشطة المؤسسات المالية في أوقات الأزمات،
وأفاد المشاركون في استطلاع Bain and Company أيضًا أن الخدمات المالية التي تقدمها شركات التكنولوجيا أكثر جدارة بالثقة.
وعلى صعيد آخر، في تقرير Capgemini’s World Fintech، قال أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين في استطلاع أنهم يثقون في بنكهم لدعم احتياجاتهم المالية وتقديم المشورة..إذن كيف يمكن للبنوك حل هذا التناقض في الرأي، والاستفادة من ثقة العملاء في استراتيجيات العميل أولاً، وجعلها عاملًا تنافسيًا حقيقيًا؟
قياس مدى الثقة في البنوك
إن حسن الإدارة والممارسات التجارية الأخلاقية التي تتسم بالشفافية باتت أمور غاية في الأهمية بالنسبة للبنوك للحفاظ على العملاء، حيث تكسب البنوك التي تستثمر في التقنيات والعمليات الفعالة ثقة العملاء، وعلى سبيل المثال، أظهرت الأزمة المالية في عام 2008 مدى تأثير قلة المرونة المالية على الثقة المكتسبة في القطاع بصفة عامة.
وتنبع الثقة في الخدمات المصرفية من مزيج بين الثقافة والمرونة التشغيلية والتكنولوجيا، ويمكن للبنوك التي تتمتع بالمرونة في هذه المجالات الثلاثة تعزيز علامتها التجارية وسمعتها، والتي بدورها تعزز الثقة.
ثقافة البنك لها أهمية قصوي، حيث يعمل البنك على تبني ثقافة الثقة بالموظفين لتلبية احتياجات العملاء، والقيام بالإجراءات التي تؤدي الي كسب ثقة العملاء، وأيضا دمج الأدوات والتطبيقات وتطبيق استراتيجية العميل أولاً والاستثمار في الموظفين.
كما تعد المرونة التشغيلية ضرورية أيضًا للحفاظ على الثقة مع العملاء وذلك من خلال تعزيز العمليات وقنوات الاتصال والبرامج التي تعدها البنوك للاستعداد للهجمات والتصدي لها.
كما تلعب التكنولوجيا دورًا هامًا في كسب الثقة لأن تجربة العميل تعتمد على مدى كفاءة التكنولوجيا، وعلى سبيل المثال، في حالة تعطل الموقع الإلكتروني لأحد البنوك أو تعرض المؤسسة لهجوم إلكتروني، يتأثر العملاء ويفقد البنك ثقتهم.
من هنا نجد أن التكنولوجيا الجيدة لا تعتمد على كونها تعمل جيدًا فحسب، فبالطبع تزداد ثقة العملاء عندما تستثمر البنوك في التكنولوجيا لتحديث البنية التحتية أو العمليات وتعزيز تجربة العميل وتقديم الخدمات المصممة خصيصًا للعملاء.
قيمة الأمن السيبراني في تعزيز الثقة
يعتمد بناء الثقة وإعداد استراتيجية مصرفية ناجحة تركز على العملاء على الأمن السيبراني في المقام الأول، وفي السوق الحالية، يعتبر نهج security-by-design استثمارًا استراتيجيًا يحقق أكبر قدر من الأرباح، ويمكن أن يضمن تعزيز تنافسية البنوك. يتضمن ذلك دمج الأمان في عملية صنع القرار.
إذن، ما هي الصفات التي تنصح المؤسسات البنكية بالبحث عنها عند تقييم شريكها الأمني الاستراتيجي؟، وما هو الشريك الذي يمكنه توفير قدرات أمنية مبتكرة تحد من المخاطر التي تتعرض لها البنوك؟.
تنصح البنوك باختيار شريك أمني تتسق قيمه واستراتيجياته الأساسية مع بعضها البعض، فيجب على البنوك تبني نهج أمني يشمل المجالات الرئيسية الثلاثة: الأفراد والعمليات والتكنولوجيا.
وللحد من المخاطر التي تتعرض لها البنوك، تنصح البنوك بعقد شراكات مع منصات للأمن السيبراني لتعزيز الأمان، وفي ظل وجود شريك أمني موثوق به يمكن للبنوك:
- ضمان أن موظفي البنك على دراية بالأمن وتثقيفهم في أساسيات سلامة الأمن الإلكتروني.
- تعزيز المرونة من خلال العمليات المصممة لضمان حماية الأصول الهامة وبيانات العملاء، وفي حالة حدوث مشكلة، يضمن البنك استعادة الخدمات والأنظمة الهامة واستمرار تشغيلها.
- توظيف تقنيات الأمن السيبراني لمنع اختراق البيانات والهجمات الإلكترونية. ولا يلزم أن يرى أو يعرف العملاء الطرق المستخدمة لتعزيز الأمن؛ فكل ما يهم العميل مدى كفاءة تلك الأدوات.. كما يجب أن تكون البنوك منفتحة بشأن المخاطر الأمنية وتثقيف العملاء حول كيفية حماية أنفسهم.
كسب الثقة والحفاظ عليها
إن للثقة جوانب مادية وجوانب أخرى معنوية، فمن الجوانب المعنوية أن جزء كبير من الثقة في الخدمات المصرفية يعتمد على تجربة العميل، فعندما تدلل البنوك على مدى مصداقيتها من خلال العمليات والأفراد والتكنولوجيا التي يمكن للعملاء رؤيتها والتفاعل معها، تُعزز ثقة العملاء وتزداد.
ويعد الأمن السيبراني عنصرًا أساسيًا يدعم ثقة العملاء لأن البنوك بحاجة إلى حماية البيانات والتطبيقات التي تعزز تجارب العملاء، كما تساعد تقنيات أمن المعلومات الفعالة على ضمان تقديم أفضل التقنيات والتطبيقات وحماية سلامة البيانات الهامة.
[box type=”shadow” ]كاتب هذا المقال هو المهندس خالد فوزي المدير الإقليمى لشركة فورتينت مصر وليبيا والسودان، يمتلك خبرة واسعة في مجال المبيعات والتقنية وخبرات تجارية بخلفية تقنية قوية.
يمتلك خبرات تمتد لأكثر من 21 عامًا فى مجالات المبيعات والتسويق لحلول وخدمات الأمن السيبراني ذات القيمة المضافة العالية لأسواق مصر وليبيا والسودان، مع خبرة واسعة في مجالات مختلفة بما في ذلك الاتصال المباشر، وتطوير القنوات، وتحديد المواقع التنافسية، بالإضافة إلى الخبرة في إنشاء استراتيجيات طويلة المدى للمبيعات والتكنولوجيا لضمان النمو المستدام والربحية.
يشغل حالياً منصب مسؤول المبيعات والقنوات والتسويق في Fortinet مصر وليبيا والسودان للمساعدة في تنمية إيرادات الشركة التي تبلغ مليارات الدولارات.
حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية ماستريخت للإدارة ودرجة البكالوريوس في الإلكترونيات والاتصالات من جامعة القاهرة. [/box]