
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري تقريرًا تحليليًا موسعًا حول أحدث مستجدات وتوقعات سوق الاتصالات المصرية حتى عام 2034، مسلطًا الضوء على التحولات المتسارعة في القطاع، خاصة مع الإطلاق التجاري لخدمات الجيل الخامس (5G) في يونيو 2025، وما يحمله ذلك من فرص وتحديات أمام الاقتصاد المصري وسوق التكنولوجيا الرقمية.
وأكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى تقريره أن مستقبل الاتصالات في مصر حتى عام 2034 يحمل فرصًا ضخمة للنمو، مع توقعات بزيادة قاعدة المشتركين، وتعزيز استثمارات البنية التحتية، وتبني تقنيات الجيل الخامس تدريجيًا.
ورغم وجود تحديات على مستوى التكاليف والتوزيع الجغرافي للخدمات، فإن الرؤية المستقبلية تبقى إيجابية، تعكس حرص الدولة على ترسيخ مكانة مصر كواحدة من أبرز أسواق الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا.
139.2 مليون مشترك متوقع في سوق المحمول
يتوقع التقرير أن يتجاوز عدد مشتركي خدمات الهاتف المحمول في مصر 139.2 مليون مشترك بحلول عام 2034، بمعدل انتشار يبلغ 105.2% من عدد السكان. هذه الأرقام تعكس استمرار النمو في السوق المصرية، التي تُصنَّف اليوم كواحدة من أكبر الأسواق في المنطقة من حيث عدد المشتركين وحجم الطلب على الخدمات الرقمية.
ويشير التقرير إلى أن هذا النمو يعكس عدة عوامل، منها: (الزيادة السكانية المستمرة، وتراجع أسعار الهواتف الذكية نسبيًا وتوافرها بمستويات مختلفة تناسب شريحة واسعة من المستهلكين، توسع الخدمات المالية الرقمية المعتمدة على المحمول، مثل المحافظ الإلكترونية والدفع عبر الهاتف، وتعزيز البنية التحتية الرقمية من خلال سياسات حكومية مستمرة لدعم الاستثمار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات).
خدمات الصوت الثابت: عودة للنمو
وأبرز التقرير أن سوق خدمات الصوت الثابت يشهد حالة من الانتعاش، إذ من المتوقع أن يصل عدد المشتركين إلى 13.2 مليون مشترك في عام 2024، ثم يرتفع إلى 15.4 مليون مشترك بحلول 2034، ويأتي ذلك نتيجة التوسع في خدمات الإنترنت المنزلي عالي السرعة، التي تُعزّز الاعتماد على شبكات الهاتف الثابت، إلى جانب توجه الأسر والشركات نحو استخدام خدمات الاتصالات المتكاملة.
الإنترنت الثابت عالي السرعة: طلب متزايد
وأكد التقرير أن الطلب على الإنترنت الثابت عالي السرعة في مصر سيظل مرتفعًا ومستقرًا على المدى المتوسط، مدفوعًا بزيادة استخدام تطبيقات العمل عن بُعد، والتعليم الإلكتروني، وخدمات البث الرقمي، والألعاب الإلكترونية، كما أشار إلى أن شركات الاتصالات العاملة في مصر تضخ استثمارات كبيرة في توسيع شبكات الألياف الضوئية (Fiber Optics)، مما يسهم في رفع كفاءة الشبكات وتلبية الطلب المتنامي.
إطلاق خدمات الجيل الخامس (5G): نقلة نوعية
وأوضح التقرير أن الإطلاق التجاري لخدمات الجيل الخامس في يونيو 2025 تعد أحد أبرز المحطات الفارقة في سوق الاتصالات المصري، فهذه التقنية تُتيح سرعات غير مسبوقة، وزمن استجابة منخفض للغاية، وهو ما يفتح المجال أمام تطبيقات جديدة تشمل: (المدن الذكية وأنظمة المراقبة والتحكم المتقدمة، النقل الذكي والسيارات ذاتية القيادة، الحلول الصناعية المؤتمتة في المصانع الذكية، دعم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد والجراحة الروبوتية، وتطوير تطبيقات الواقع المعزز والواقع الافتراضي).
لكن التقرير أوضح أن انتشار خدمات الجيل الخامس سيظل محدودًا في المدى القصير، مقتصرًا على المناطق الحضرية الغنية ذات القدرة الشرائية المرتفعة، نظرًا لارتفاع تكاليف البنية التحتية وأسعار الهواتف الداعمة لتقنية 5G.
الجيل الرابع (4G) هو المحرك الرئيسي
وعلى الرغم من دخول الجيل الخامس، يؤكد التقرير أن الجيل الرابع (4G) سيبقى المحرك الرئيسي لسوق الاتصالات المصري على المدى المتوسط، حيث ما زال يلبي احتياجات شريحة واسعة من المستخدمين، خاصة في المناطق الريفية والمدن المتوسطة، ويُتوقع التقرير أن يستمر الاستثمار في تطوير شبكات الجيل الرابع بالتوازي مع التوسع التدريجي في شبكات الجيل الخامس.
البعد الاقتصادي والاستثماري
ويشير التقرير إلى أن تطور سوق الاتصالات المصري يمثل فرصة استثمارية واعدة، إذ يُسهم في جذب شركات التكنولوجيا العالمية، ويشجع على ضخ رؤوس أموال جديدة في مشروعات البنية التحتية الرقمية، كما يُتوقع أن يشهد السوق توسعًا في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بما يدعم مشروعات التحول الرقمي والخدمات الحكومية الإلكترونية، ويُعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تحديات مستقبلية
على الرغم من المؤشرات الإيجابية، يرصد التقرير عددًا من التحديات التي قد تواجه القطاع، منها: (الحاجة إلى استثمارات ضخمة لتوسيع شبكات الجيل الخامس، أهمية تأمين البيانات وحماية الخصوصية مع توسع الخدمات الرقمية، ضرورة سد الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية، تعزيز القدرات البشرية المؤهلة للتعامل مع التقنيات الحديثة).
مصر في قلب التحول الرقمي العالمي
خلص التقرير إلى أن مصر تقف اليوم في موقع متقدم ضمن مسيرة التحول الرقمي في المنطقة، حيث تسعى الحكومة إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل قائم على الابتكار والمعرفة، كما يُنتظر أن تُسهم الاستراتيجيات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والتعليم التكنولوجي، في خلق بيئة متكاملة تدعم الانتقال إلى الجيل الجديد من الاقتصاديات الذكية.







