أخبارمقالات

خالد أبو المجد يكتب: حرب الساحرة المستديرة

الاستماع للخبر

مخطئ من يظن أن المؤامرة التي تتعرض لها الدول العربية وعلى رأسها درة التاج مصر قد إنتهت بنهاية ما سمى بالربيع العربي، ومخطئ أيضاً من يتوقع أن تأتى الضربة القادمة من نفس المسار وبذات الطريقة.

المؤامرة أكبر وأشمل من أن تنتهى مع الإخفاقة الأولى، وأعدائنا كثرً، ولا هم لهم سوى النيل من أم الدنيا، وتعددت سبلهم لزرع الفتنة والتفرقة، تارة بذريعة الدين، والتى منى فيها المتآمرون بهزيمة ساحقة بفضل وعى الشعب المصرى وتماسك نسيجه.

ومرة أخرى لجأ المتآمرون إلى محاولات تجأيج فتنة الأصول والأعراق، وأيضاً تهدمت دعواتهم على حائط الوحدة الوطنية المصرية، وهاهم أراهم يحاولون التغلغل عبر الحماسة الكروية.

شعور يتجدد بريبة فى وجود مخطط لفتنة مستترة خلف الحماسة المتأججة بالساحرة المستديرة كرة القدم وأقطابها سواء المصرية أو العربية أو الأفريقية، يقصد بها النيل من الشعب المصرى وإحداث الفرقة وتمزيق أوصاله بين أحمر وأبيض ..أو بالمعنى الأصح بين الأهلي والزمالك.

وفى محاولة للوقوف على صحة هذا الشعور أو كذبه تصفحت كتاب “أغرب الحكايات فى تاريخ المونديال”، للكاتب الأرجنتينى لوثيانو بيرنيكي، يتعرض فيه لأبرز الغرائب والقصص الطريفة وأكثرها إدهاشاً وإمتاعاً، وكذلك المواجهات التى لا تنسى فى بطولات كأس العالم.

يقول الكاتب أنه فى العام 1969 وتحديداً فى يوليو، وقع منتخبا هندوراس والسلفادور فى مواجهة حاسمة لتحديد الفريق الذى سوف يتأهل إلى الأدوار النهائية المقامة على ملاعب المكسيك، وفى المباراة الأولى فازت هندوراس على ملعبها؛ واعتدت الجماهير الهندوراسية على الجماهير الفقيرة من أنصار السلفادور، وتطورت الأمور إلى مهاجمة الأحياء التى يقيم فيها سلفادوريين، مما دفع السلفادوريين إلى الفرار إلى بلادهم تاركين ممتلكاتهم وبيوتهم، وقدمت السلفادور شكوى للأمم المتحدة وهيئة حقوق الإنسان..وبعد أسبوع واحد فازت السلفادور فى ملعبها ونال أنصار هندوراس نصيبهم من الاعتداءات.

وأقيمت مباراة فاصلة بين البلدين، فازت فيها السلفادور وتأهلت لنهائيات البطولة، ومع نهاية اللقاء كانت الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما، وفى 3 يوليو انتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور، وأطلقت على كتيبة من السلفادور النيران داخل الأراضى السلفادورية مما أدى لقيام السلفادور بهجوم واسع النطاق ودخلت القوات السلفادورية إلى مسافة 40 كيلو مترا داخل حدود هندوراس، ولم تتورع هندوراس بل أرسلت طائراتها لضرب العاصمة السلفادورية سان سلفادور ومدينة أكابوتلا بالقنابل.

وبعد أسبوعين..وتدخل الوساطات من الدول توقفت الحرب بعد أن أخلفت دماراً كبيراً وخسائر فى الأرواح بالآلاف.

ماسبق يوضح كيف يمكن للعبة جماهيرية أن تؤدى إلى كوارث ضخمة، خاصة فى ظل إعلام كاذب وموجه ومؤجور، ودول ترعى هذا الإعلام، إلا أن الصحوة الوطنية، ونبذ التعصب، ومتانة النسيج الوطنى، والتآزر والالتفاف حول القيادة السياسية الواعية يمثل شاطئ الأمان من كافة المؤامرات والمكائد..حفظ الله مصر وحفظ شعبها وقياداتها.