أخبارمقالات

بأقلام القراء..أحمد موسى يكتب: أستاذ صالح .. “قصة واقعية”

الأستاذ صالح سافر الكويت، وقعد فيها ٣٥ سنة، واشتغل مدرس هناك في وزارة التربية والتعليم، كان لسه شاب صغير، وربنا أكرمه وتزوج، وأنجب 4 أبناء أحمد، وأمجد، وعبد الرحمن، وشيماء .

أستاذ صالح أخد زوجته وأولاده، وعاشوا معاه فى الكويت، في منطقة هناك إسمها أبو حليفة، وكانوا في قمة السعادة، مكنش بيأخر لهم أي طلب يطلبوه، وهو كمان كان فرحان جدا بأنه قادر يسعد زوجته وأولاده، ودايما شايفهم قدامه وهم بيكبروا قدام عينيه.

أحمد إبنه كبر، فقرر الأستاذ صالح إن زوجته ترجع مصر عشان أحمد يدخل الكلية، والأستاذ صالح يبقى ينزلهم فى الأجازات، وفعلاً الزوجة والأولاد رجعوا مصر، وأحمد دخل كلية الهندسة فى جامعة القاهرة، وامجد وعبد الرحمن وشيماء نقلوا لهم فى مدارس فى مصر.

مرت خمس سنين، وكان الأستاذ صالح بيشتغل ليل نهار في المدرسة والدروس عشان يبعت مصاريف لأولاده وزوجته، لدرجة إنه كذا مرة مكنش بينزل أجازته علشان يوفر فلوسها لولاده، وبمرور الوقت بدأ يتعب ويدوخ فى الشغل.

 زمايله كانوا بيقولوا له كفاية كدة عليك يا أستاذ صالح وإنزل مصر نهائى عشان صحتك، وتبقى حتى فى وسط أولادك..كان دايماً يرد عليهم ويقولهم: حياتي مش خسارة في أولادى.

الأستاذ صالح إشترى لأولاده بيت فى مصر، وبقى لكل واحد من أولاده شقة جاهزة ومتشطبة، حتى بنته بقى ليها شقة، وجابلها جهازها اللى هتتجوز بيه، وأحمد إبنه خطب وبعتله فلوس الشبكة.

وبالرغم من تعبه -خاصة انه قرب على الستين- لكنه كان سعيد انه نجح فى تأمين مستقبل أولاده، وكان بيضحى حتى بصحته وهو راضى حباً فى أولاده، لحد ما جه يوم تعب فيه الأستاذ صالح تعب شديد جداً، وبدأ من بعدها يغمى عليه كذا مرة، فقرر إنه خلاص هينزل مصر نهائى، وكان سعيد جدا إنه أخيرا هيعيش بين أولاده وزوجته .

كان بيقول لنفسه: ماشاء الله؛ أحمد بقى مهندس قد الدنيا، وأمجد دخل كلية تجارة وهيخرج محاسب كبير، وعبد الرحمن فى الثانوية العامة، وشيماء كبرت وبقت فى اولى ثانوى.

اتصل بيهم، وعرفهم ميعاد وصوله، لكن المفاجأة أنه لما وصل المطار ملقاش حد فيهم فى استقباله، قال لنفسه: أكيد حصلت ظروف غصب عنهم، او حد فيهم تعبان، عشان كدة مقدروش يستقبلوني فى المطار.

ركب تاكسي، ووصل البيت؛ دخل لقاهم قاعدين، شافوه قاموا سلموا عليه سلام بارد، وزوجته بدل ماتقوله حمدا لله على السلامة قالت له: انت جيت؟ مش كنت تخليك سنة كمان لحد مانجيب مصاريف جواز أحمد.

الأستاذ صالح إتصدم؛ ابتسم، وعينه لمعت بالدموع، قالها: انا كنت ناوى اقعد، بس صحتى تعبت غصب عنى، والله مبقتش قادر اشتغل، وبقيت بقع من طولى وانا واقف، زوجته قالت له بكل برود: على العموم حمدا لله على سلامتك، انا هقوم أعمل الأكل..وأولاده كل واحد فيهم دخل غرفته .

بعد حوالى شهر كان الأستاذ صالح قاعد فى البيت، والساعة عدت 1 صباحاً، وأمجد إبنه لسة مجاش من برة، أمجد رجع البيت الساعة 2صباحاً وكان ابوه منتظره.

الاستاذ صالح شاف ابنه داخل مش قادر يقف، وعينه لونها احمر، وعدى جنب أبوه وكأنه مش موجود، مقلوش حتى إزيك يابابا، وكان لسه رايح يفتح باب غرفته، أبوه قاله: خد يابنى..انت مش شايفنى قاعد، وبعدين ايه اللى مرجعك متأخر كده، وشكلك عامل كدة ليه ؟

أمجد إبنه قاله: انت مالك..أرجع براحتى فى الوقت اللى يعجبنى، انت رجعت من السفر علشان تقرفنا وألا إيه؟، أستاذ صالح قام وضربه بالألم، وقاله انت ازاى تكلمنى كده ياولد.

زوجته خرجت بسرعة من الغرفة، وقالت له إنت ازاى تمد إيدك على الولد، مش كفاية راجع إيد ورا وإيد قدام، جاى تعمل راجل البيت دلوقتى، وأحمد إبنه الكبير، هو كمان خرج من غرفته وقال لأبوه ملكش حق إنك تضرب حد من اخواتى، إنت مين، إحنا منعرفكش أصلاً، أمى هى اللى تعبت فى تربيتنا، ياتقعد معانا بإحترامك؛ ياتغور في داهية وتريحنا .

الاستاذ صالح من الصدمة سكت، وبعدين قاله ماشى يابنى ،تانى يوم الأستاذ صالح اتصل بواحد زميله فى الكويت إسمه استاذ جمال، قاله ابوس إيدك إعمل أى حاجة وخلينى ارجع الكويت تانى..وانفجر في البكاء.

أستاذ جمال قاله مالك بس ايه اللى حصل، فحكى له اللى حصل ،قاله بس هترجع تعمل ايه، وهتعيش ازاى، انت كبرت ياصالح، ومتنساش انك مشيت نهائى من شغلك ،قاله ارجع اعمل اى حاجة بس خلينى أمشى من هنا.

استاذ جمال كلم ناس معرفة، وحكى لهم ظروفه، وقدر إنه يرتب سفر للاستاذ صالح، وفعلاً حجز له تذكرة الطيارة لأن الأستاذ صالح ماكنش معاه فلوس، لان كل فلوسه كان بيبعتها بإسم زوجته، وخرج من البيت يوم السفر من غير مايقول لحد، لإن كل كلامهم ليه كانت إهانات.

وصل استاذ صالح الكويت، والأستاذ جمال استأجر له غرفة، وكان هو اللى متكفل بيه وبطلباته، خاصة إنه كبر فى السن، وبدأ المرض ينهش في جسمه من الحزن والقهر.

وبدأ حال استأذ صالح يسوء يوم بعد يوم، علشان كده استاذ جمال قرر انه يصوره ويبعت صورته لزوجته وأولاده يمكن قلبهم يحن علي ..لكن للأسف مكنش فيه منهم أى استجابة..بعدها بكام يوم راح استاذ جمال يطمن عليه كعادته لقاه ميت.

أحداث وشخصيات القصة حقيقية، والعهدة على كاتبها

كاتب القصة: أحمد مصطفى موسى فرغلى

مؤسس جمعية أمان للمستقبل الخيرية

error: Alert: Content is protected !!