أخبارمقالات

خالد أبو المجد يكتب: هوس “التعرى” ..!!

هوس “التعرى” لا يكاد يهدأ فى مجتمعاتنا ذات الصبغة والتقاليد والأعراف الشرقية، حتى إن هذه الكلمة فى حد ذاتها باتت ذات “تريند” مرتفع على مواقع التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا، وهذا بالطبع من المفترض أن يكون سائداً لدى الطبقات ذات الثقافة المتواضعة أو المنعدمة، إلا أن نجد الشخصيات العامة وذات الثقافات المرتفعة تهتم بها فذلك هو العجب العجاب.
فى ثمانينات القرن الماضى، شاركت فى إحدى اللقاءات الدولية التى ضمت شباب العالم، وأذكر حينها أنه تم منع أحد المشاركين من الدخول إلى المعسكر المعد للتجمع نظراً لكونه يرتدى “نظارة” غريبة بعض الشيئ فى ذلك الحين، حيث أن زجاجها كان لامعاً وأزرق اللون، وذات إطار سميك يغطى جانب الوجه، لتسريب شائعات بوجود نظارات تعمل “بالليزر”، وتقوم بتعرية جسم الشخص الذى أمامها من ملابسه..والأغرب أنتشار راغبى الحصول على هذه النظارة “الوهمية”.
وفى بداية الألفية الثانية، ومع ظهور بوادر الهواتف المحمولة ذات الكاميرات، أصدرت عدة دول عربية قرارات بمنع دخول هذه الهواتف بحجة أنه يتم إستخدام تطبيقات للتعرية بها، كما أنه يمكنها إستخدام برامج الفوتوشوب والشات بطريقة غير أخلاقية.
كل ماسبق كان مقبولاً فى حينه، مع بدايات التوغل التكنولوجى، وإصطدامه مع التقاليد والتعاليم البالية والثقافات الضحلة، إلا أن يتقدم أحد نواب الشعب، منذ أيام بطلب إحاطة لرئيس الوزراء، ولوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن تطبيق يقوم بـ “تعرية النساء من ملابسهن”، و”يجردهن مما يرتدين”..!!
ويستكمل النائب فى طلبه للإحاطة موضحاً مصدر معلوماته: “فى شأن ما تداول بصفحات وسائل التواصل الاجتماعى”، ويضيف: “نأمل الاحاطة وإتخاذ اللازم نحو إجراء مايلزم من وسائل تكفل عدم تداول هذا التطبيق، وإنفاذ القانون فى حالة إستخدامه، وإخطار الجهات الرسمية المناط بها إتخاذ هذه الاجراءات” ..!!
الذى لا يعلمه النائب هو: أولاً: لا يوجد تطبيق يقوم بهذه الشائعات -التعرية- ولكن التطبيق المشار إليه فى طلب الاحاطة يقوم بعمل “فوتوشوب” سريع ودقيق على الصور، وبالتالى من الممكن أن يتم وضع صورة على جسد عارى ولكن بتنسيق أكثر دقة.
ثانياً: لم يتم إصدار اللائحة التنفيذية بعد للقانون 175 لسنة 2018، والخاص بجرائم تقنية المعلومات، وبالتالى لا يمكننا عمل بروتوكولات أو تعاون دولى مع الشركات المقدمة للتطبيقات.
ثالثاً: أعتقد أن صرف الجهود لما هو أكثر أهمية، مثل إتاحة الانترنت فائق السرعة، وتحقيق العدالة التكنولوجية، وتعميم خدمات الاتصالات، وتعظيم إستثمارات وعائدات القطاع..بدلاً من اللهث وراء شائعات “التعرى”.

error: Alert: Content is protected !!