أخبارمقالات

محمد أبو المجد يكتب: ابن الشرقية.. مؤسس الاتحاد الأفريقي

قبل أيام، احتفلنا باختتام العرس الأفريقي “كان 2019″، وتناقل الجميع أخبارًا بعضها صحيح، والآخر ليس كذلك عن إنجازات، وانتصارات، وتصرفات، وأرقام.. وتلقى الفائزون جوائز قيمة، وكئوسًا، وميداليات، ومُنِحَ المجتهدون ما عوضهم عن التعب والعرق والاجتهاد، وانتاب الحزن من أخفقوا، وأسرف المنتصرون في احتفالاتهم، وربح من ربح، وخسر من خسر.

كل هذا شاهدناه، وسمعناه.. لكن أحدًا لم يذكر اسم “عبدالعزيز سالم”.. فلا أحد، تقريبًا، يعلم من هو “عبدالعزيز سالم”!

هو رجل عظيم، قدم لمصر والقارة الأفريقية، بأكملها، هدية رائعة، وأنجز خطوة اختصرت عشرات السنوات لكرة القدم، ووضعت القارة السمراء على خريطة الرياضة العالمية. إنه مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف”.. ودشَّن بطولة أمم أفريقيا.

وُلد “عبدالعزيز سالم” في أبوكبير بمحافظة الشرقية عام 1895، وبعد إنهاء دراسته الثانوية بالزقازيق التحق بكلية الزراعة، حيث كان أحد لاعبي فريق الكلية لكرة القدم.. ثم استكمل دراسته بجامعة كمبريدج البريطانية، وكان هناك أحد لاعبى فريق الجامعة للتجديف.. وعاد “عبدالعزيز” إلى مصر بكل أحلامه ونجاحاته بعد عودته إلى مصر.

فعمل في وزارة المعارف، ثم استقال من وظيفته في 23 أكتوبر 1920 لانتخابه بمجلس النواب، وبعد 8 سنوات تخلى عن وظيفته مرة أخرى عندما انتُخِب مجددًا بالمجلس.

وفي الأول من أبريل 1931 عُيّن “عبد العزيز” بوزارة الزراعة لمدة سنتين، قبل أن يُنقل إلى وزارة التربية والتعليم، وظل بها حتى مارس 1938 عندما عاد إلى “الزراعة” من جديد، وتحديدًا إلى مصلحة الأملاك الأميرية، وظل بها إلى أن عُيِّن وكيلًا مساعدًا للوزارة في الأول من مارس 1946، قبل أن يُحال للمعاش في نوفمبر 1949.

بعد أقل من ثلاث سنوات، عاد “عبد العزيز سالم” إلى الحياة العامة مرة أخرى، لكن في عهد جديد، وبعد قيام ثورة 23 يوليو، عندما اُختير وزيرًا للشئون البلدية والقروية في وزارة على ماهر باشا، من 24 أغسطس 1952 إلى 6 سبتمبر من نفس العام، قبل أن يشكل محمد نجيب وزارة خالصة للثورة، ويختاره أول وزير في حكومته، ويقلده حقيبة الزراعة، في الفترة من ٧ سبتمبر حتى ٩ ديسمبر من ذات العام، وهي الفترة التي شهدت تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي الشهيرة بعد ثورة يوليو، وإن كان الرجل لم يعمِّر في الحكومة كثيرًا. كما تولى “سالم” منصب نقيب الزراعيين في فترة من حياته.

في تلك السنة، كان “عبد العزيز سالم” على موعد مع منصب من نوع آخر، سيكون بوابة لتخليد اسمه في سجلات الكرة الأفريقية، إذ تولى رئاسة اتحاد الكرة المصري من 1952 إلى 1954.

وبرغم أن موقع اتحاد الكرة يقول إن “سالم” أنهى فترته رئيسًا لـ”الجبلاية” في 1954، فإن دوره الأفريقي المؤثر كان في عام 1956، عندما اجتمع في لشبونة بالبرتغال، على هامش مؤتمر الاتحاد الدولي للعبة “كونجرس الـ«فيفا»”، مع أفارقة آخرين ليضعوا الملامح الأولى لأول اتحاد رسمي للقارة السمراء.

في ذلك العام، وتحديدًا في شهر يونيو، عرضت أربع دول أفريقية، هي: مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب أفريقيا، كانت مشاركة في الاجتماع الدولي للعبة، فكرة تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لأول مرة.

وعليه، اجتمع في أحد فنادق لشبونة، كل من: “عبد العزيز سالم” و”محمد لطيف”، من مصر، و”عبد الحليم شداد” و”بدوي محمد” و”عبد الحليم محمد” من السودان، و”فريد ويل” من جنوب أفريقيا، وقرروا الشروع في التنفيذ.

بعد ذلك بعام واحد، أقيمت أول بطولة لكأس الأمم الأفريقية بالسودان، وشارك فيها ثلاثة منتخبات هي: مصر والسودان وإثيوبيا، بعد أن اعتذرت جنوب أفريقيا في اللحظات الأخيرة على خلفية نظام الفصل العنصري الذي كان قائمًا بها آنذاك.

أقيمت البطولة من مباراتين فقط، وفازت بها مصر التي رفع لاعبوها أول كأس لـ”الكان”، والتي حملت اسم الأب المؤسس للمسابقة، المصري “عبد العزيز سالم”، لتكون بمثابة الإعلان الفعلي عن تأسيس الاتحاد الأفريقي.

وبدوره، اعترف الاتحاد الدولي “فيفا”، خلال اجتماعه بمدينة برن السويسرية، باتحاد القارة السمراء، وأصبح من حق أفريقيا تعيين أول ممثل لها في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي، واختير “عبد العزيز سالم” بالطبع للمنصب.

وفي 8 يونيو 1957، تم التوقيع رسميا على القانون الدستوري للاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف”، واختير أيضًا “عبد العزيز سالم” أول رئيس له، وضم الدول الأربع المؤسِّسة. وبعد أكثر من 60 سنة على ذلك التاريخ، يضم الاتحاد 54 دولة عضوا، ويقع مقره الرسمي في مصر، بلد “عبد العزيز عبد الله سالم”.

هذا الرجل له فضل كبير على كل مَنْ خطا، ومَسَّ الكرة في أفريقيا، وعلى كل نجم انتقل من بلد في القارة السمراء إلى ملاعب أوروبا وآسيا، والعالم بأسره.. فلولاه لما غزا أبناء أفريقيا أندية الكرة الأرضية، ولولاه لما شاهدنا عبيدي بيليه، وعبده ضيوف، ورابح ماجير، ومحمد صلاح، وساديو ماني، ورياض محرز، وغيرهم!! بعد كل ذلك، ألا يجدر بحكومتنا أن تنشئ جائزة أو كأسًا جديدة باسم المرحوم “عبدالعزيز سالم”؟!

فيتـــــــو الإثنين 22/يوليه/2019 

error: Alert: Content is protected !!