آى سى تى ميدياأخبارالأرشيفمقالات

بقلم رئيس التحرير: الراقصون على سلم التكنولوجيا

الاستماع للخبر

التكنولوجيا المنقوصة..هى آفة العصر؛ وداء الدول النامية الذى يحول بين تطورها، ومفهومه هو إجتزاء تطبيق التكنولوجيات وتطويراتها وتحديثاتها، أو تطبيق جزئي أو مرحلى فقط من منظومتها، مع الإبقاء على الطرق القديمة التقليدية أو اليدوية أو الورقية فى مراحل أخرى..وهذا المقال يأتى إستكمالاً لما نشرناه سالفاً تحت عنوان “أنصاف الحلول”.

القصة بدأت فى العام الماضى؛ عندما إكتشفت إحدى الإدارات التعليمية بمحافظة القاهرة شبهة فساد يتمثل فى تداول عمولات أو رشاوى مالية يتم تقديمها للموظفين لإلحاق الطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة، فقررت تلك الإدارة الإستعانة بالتكنولوجيا لوضع حد لهذا الفساد، ولجأت لتطبيق النظم التكنولوجية المستحدثة في منظومة تقديم أوراق قبول الطلاب الجدد منعاً للقاء العنصر البشرى، وبالتالى منع الممارسات غير الشرعية، وتحقيقا للشفافية والنزاهة فى الإختيار، جهد مشكور فى ذات طريق التحول للمجتمع الرقمى..ولكن.

وضعت الإدارة التعليمية سالفة الذكر خطوات محددة للتقديم للحصول على خدمات التحاق الطلاب بها، وأعلنت هذه الخطوات فى لوحات إسترشادية وضعتها على حوائطها، وكانت أولى هذه الخطوات هى إستخدام محرك البحث “جوجل” للحصول على العنوان الألكترونى لهذه الإدارة، ثم يتوالى تحديد الخيارات المناسبة وصولاً للتقدم بالطلب للحصول على الخدمة.

المنظومة التى إتبعتها هذه المؤسسة جيدة فى نصفها الأول، ويحقق المرام من تطبيق التكنولوجيا، على الرغم من أنها شابها بعض نقاط الضعف، مثل عدم توافر الحيز الملائم للعدد الضخم من المتقدمين، ولذلك تعرض الموقع للسقوط كثيراً، إلا أن السقطة الكبرى تمثلت فى أن الخطوة التالية فى تسلسل منظومة التقديم الذى أقرتها هذه الإدارة الآخذة بأحدث السبل التكنولوجية بعد خطوة ملئ الاستمارة إلكترونياً وتقديمها إلكترونياً خطوة أخرى نسفت الجهد التكنولوجى المبذول من أساسه، حيث تحتم الخطوة التالية على طالب الخدمة حتمية “طبع” إستمارة التقديم، وتسليمها “باليد” لموظفى الإدارة..!!

فى الخطوة سابقة الذكر إنهارت المنظومة التكنولوجية المستحدثة، وإنتفى معها الغرض النبيل الذى أقرت من أجله، وعادت الكرة مرة أخرى إلى ملعب الموظف، وكما يقول المثل :كأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت”.

أيضاً وجب الإشارة إلى أن هذه الإدارة خصصت “جهاز كمبيوتر واحد” لتسجيل بيانات طالبى الخدمة، مما حقق بجدارة أرقاماً ضخمة لعدد “الواقفين والواقفات” فى الطابور تستحق أن يتم تسجيلها ضمن موسوعة جينيس للأرقام القياسية..خاصة إذا علمنا أن عدد سكان هذه الإدراة يزيد عن 1.5 مليون نسمة ..!!

هذا هو مفهوم “التكنولوجيا المنقوصة”، الذى يرغب مستخدميه فى إتباع السبل التقنية دون الإلمام بها، وبالتالى بدلاً من تطوير النتائج تحقق كارثة، وتضيع جهود الخطوات التي سبقتها فى منتصف “السلم التكنولوجى”.