آى سى تى ميدياأخبارالأرشيفتقاريرحكوميةمجتمعمنوعات

بطولات سلاح “الحرب الالكترونية” خلال حرب “العاشر من رمضان”

ساعات قليلة وتحتفل مصر والأمة العربية كلها بذكر حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، ولن يتوقف العالم كله عن ذكر ودراسة هذه الحرب وبطولات الجيش المصرى التى أذهلت العالم وأصابت الجميع بالدهشة وأجبرتهم على إحترام الجندى المصرى دون شعارات كاذبة أو جمل رنانة مثل: “الجيش الذى لا يقهر، وأقوى مانع يحتاج لقنبلة نووية لنسفه” .. وغيرها.

وفيما يخص الحروب الألكترونية والتكنولوجية فإنه حتى مطلع الستينات لم يكن هناك تنظيم متكامل للحرب الإليكترونية سوى فى الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتى سابقا، كما يقول أحمد أبو بيبرس فى مقاله بموقع (المجموعة 73 مؤرخين) بعنوان: “أسرار الحرب الالكترونية فى حرب أكتوبر المجيدة”.

يستكمل أبوبيبرس: “باقى الدول المتقدمة أنشأت وحدات فرعية فى بعض أفرعها الرئيسية وخاصة قواتها الجوية والبحرية، وسبقتنا إسرائيل فى إدخال وسائل الحرب الإليكترونية وظهر أثر ذلك فى حرب يونيو 1967″.

وقد أمنت القيادة السياسية المصرية بعد نهاية حرب يونيو بضرورة دخول مصر مجال الحرب الإليكترونية فقد إنشئ سلاح الحرب الإليكترونية المصرية تحت ضغط أعمال القتال فى أوائل عام 1968 كفرع أعمال إليكترونية مضادة تابع لرئيس أركان حرب القوات المسلحة وتم تحويله ليكون إدارة الحرب الإليكترونية ضمن أجهزة القيادة العامة فى (العشرين من يناير 1970) وعلى الفور بدأت أعمال التخطيط لإدارة أول حرب إليكترونية بمفهومها الشامل لتأمين ومعاونة القوات أثناء تنفيذها لمهامها فى حرب أكتوبر المجيدة.

إنتهت حرب الإستنزاف على الجبهة المصرية فى 8 أغسطس عام 1970 بتطورات شاملة فى مجال الحرب الإليكترونية بالنسبة لمصر فقد تأسست فى ذلك العام إدارة الحرب الإليكترونية كسلاح متكامل بحد ذاتها متحدية التفوق الإليكترونى الإسرائيلى المستمر منذ حرب يونيو 1967 فقد تم إنشاء حائط الدفاع الجوى المصرى فى يونيو 1970 بتضحيات جسيمة ونجح فى إصابة وإسقاط العشرات من طائرات العدو الصهيونى (51 طائرة) بين تدمير وإصابة بحسب المصادر المريكية وكان ذلك خاتمة مشرفة لحرب الإستنزاف على الجبهة المصرية.

وقد إنتهت بمجموعة إنتصارات حاسمة لمصر كان أبرزها بناء حائط الصواريخ المصرى ودفعه على الجبهة متغلبا على الإعاقة الإليكترونية المعادية ومؤسساً واقعا جديدا فرض نفسه كتحدى بارز للتفوق الجوى الإسرائيلى صعب التغلب عليه وكذلك تمكن عباقرة الدفاع الجوى المصريين من إيجاد طريقة فعالة فى إسقاط طائرة الفانتوم الإسرائيلية التى كانت تعد (قلعة طائرة آمنة) تستطيع تفادى أى صارخ أرض جو يطلق نحوها.

وتأكدت الإنتصارات الإليكترونية المصرية بإنتصارات جديدة فى مجال الدفاع الجوى الذى يعد من أبرز مجال عمل الحرب الإليكترونية بإسقاط طائرة التجسس والإستطلاع الإسرائيلية إستراتور كرزر فى سبتمبر عام 1971 بصواريخ أرض / جو المصرية أعقبها فى اليوم التالى مباشرة صد هجمة صواريخ (شرايك) الأمريكية على شبكة الرادار المصرية بواسطة طائرات الفانتوم دون أن يتمكن سلاح الجو الإسرائيلى ذى التفوق الكبير من عمل أى شيئ.. ويلاحظ أن دور الحرب الإليكترونية بدأت تتزايد أهميته وفاعليته لدى الطرفين المتحاربين.

إستطعنا ان نفاجئ العدو خلال الحرب بسيل متدفق من الإشعاعات الكهرومغناطيسية التى لم يكن يعرف عنها شيئاً قبل الحرب وكان الأمر يحتاج إلى وقت طويل يقوم خلاله خبراء الحرب الإليكترونية فى إسرائيل ومن وراءهم من خبراء أكثر علماً وإقتداراً بتحليل هذه الإشعاعات وقياس أطوالها وتردداتها حتى يمكنهم إستنباط وسائل مضادة تعوق عمل طائراتنا وصواريخنا وأجهزة القيادة والسيطرة على وحداتنا التى كانت تتدفق شرقاً  .

فى السادس من أكتوبر 1973 قامت القوات العربية المشتركة فى مصر وسوريا بالهجوم المفاجئ على إسرائيل فى يوم إحتفالهم بيوم كيبور وبينما كان معظم الإسرائيلين يؤدون صلاتهم فى ذلك اليوم وفى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً قامت الطائرات السوخوى والميج بمهاجمة الدفاعات الإسرائيلية فى سيناء والجولان فى أكبر ضربة جوية نالتها إسرائيل كإفتتاحية لحرب رمضان المجيدة ..بينما قامت حوالى 4000 قطعة من المدفعية الميدانية والصاروخية من مختلف الأعيرة بقصف دفاعات خط بارليف الحصين .

وصاحب عملية الهجوم عملية إعاقة لاسلكية شاملة على مواصلات إسرائيل اللاسلكية أدت إلى فشل ذريع فى ممارسة القيادة والسيطرة وأعاقت وصول أو تلقى أوامر وفى نفس الوقت تم تدمير مراكز المواصلات ومواقع محطات الرادار فى سيناء بواسطة عناصر الإبرار والصاعقة والقوات الجوية، وعلى الجبهة السورية كان الهدف من الهجمات الجوية تدمير جميع الدفاعات فى منطقة الجولان وعزل طرق ومحاور التقدم إلى هضبة الجولان .

لم يتم هذا النجاح المبهر وتظهر هذه الصورة البانورامية البراقة فى إفتتاح الحرب من دون دور الحرب الإليكترونية المصرية والتمهيد الإليكترونى الذى لايمكن إغفاله فى نجاح الضربة الجوية الأولى التى أعطت أولى بشائر النصر العظيم والتمهيد النيرانى القوى حيث قدمت القيادة العامة خريطة إليكترونية لموقف العدو موضحاً بها مراكز القيادة والسيطرة ـ محطات الرادار ـ ومراكز التوجيه وبطاريات الصواريخ الأرض جو المعادية من طراز هوك كما انها قامت بأعمال الإعاقة الإليكترونية ضد ووسائل الإتصال المعادية للإقلال من كفاءة توجيه العدو لطائراته لإعتراض هجماتنا الجوية .

كما كانت الهجمات الجوية المصرية على مراكز القيادة والسيطرة فى ام مرجم وأم خشيب عملا مخططا لتدمير المراكز الاليكترونىة الضخمة فى سيناء فقد قام العدو بزرع أكبر مراكز إليكترونية للتجسس والشوشرة الإليكترونية والتنصت على الإتصالات المصرية ولقربها النسبى من قناة السويس فقد كانت تشكل خطورة بالغة على أعمال القوات المصرية فقد كان الإسرائيليون من باب الثقة والتمكن يقولون عنها انها (تستطيع قراءة الأفكار فى راس الله) فكان لزاما أن تكون هذه المواقع على قائمة الأهداف المرشحة للضربة الجوية الأولى وتم تخصيص طلعات بقاذفات التوبوليف 16 لسحقها بصواريخ الكيليت الثقيلة جو / أرض لضمان تسويتها بالأرض وقامت بقية الطائرات المصرية بضرب 10 مواقع أخرى لصواريخ هوك الأمريكية أرض / جو.

إستطعنا أن نحدد مواقع ردارات العدو وانواعها وتردداتها ودرجة كفاءتها ومن هنا إستطعنا أن نرسم خط سير طائراتنا عند توجيه الضربة الجوية المركزة إلى أعماقه.

وقد كان لهذا عظيم الأثر أثناء تعامل قواتنا الجوية معهم فيما يتعلق بتفادى كشف ردارات العدو لطائراتنا ثم سهولة مهاجمة هذه المحطات نفسها ولقد سمعنا جميعا عن ضرب ام خشيب وام مرجم وما لم نسمعه ان تم بجانب هذين الموقعين ضربت طائراتنا أيضاً الطاسة وتل الفضة وكلها مواقع حيوية تم كشف النقاب عنها بالإستطلاع الإليكترونى المصرى وعرف انها مراكز حيوية تحوى أجهزة إليكترونية معقدة للإستطلاع والإعاقة وعمليات التوجيه المقاتلات الإسرائيلية لإعتراض مقاتلاتنا وقاذفاتنا المقاتلة حيث كانت عمليات الإعتراض الجوى تتم لدى العدو الإسرائيلى إليكترونياً دون تدخل بشرى أو موجهين أرضيين وبواسطة عقول إليكترونية من صنع شركة هيوز الأمريكية تقوم بتحديد مكان الهدف المعادى وعدده وإرتفاعه وسرعته ثم تعطى الأوامر إليكترونياً لأنسب قاعدة جوية إسرائيلية لإتمام عملية الإعتراض وبعد خروج المقاتلات من هذه القاعدة تقوم العقول الإليكترونية بتغذية شاشة معينة امام الطيار الإسرائيلى بكل المعلومات التى ينبغى إتباعها (السرعة والإتجاه والإرتفاع) حتى يمكن إعتراض طائراتنا فى أنسب وقت ومكان .

وبعد تدمير هذه المواقع الحيوية حدث مايسمى فنياً بتمزيق فى شبكة الدفاع الجوى الإسرائيلية وانخفضت فاعليتها الى درجة كبيرة كان العدو يمتلك شبكة دفاع جوى ضخمة من أحدث شبكات الدفاع الجوى فى العالم على غير ماهو شائع مئات المواقع فى سيناء تضم مئات من صواريخ الهوك الأمريكية أرض / جو المدفعية المضادة للطائرات وشبكات الرادار . وبإختصار وكما يقول المحرر العسكرى محمد عبد المنعم (كنا نراهم ولايروننا).

كما قامت وحدات الحرب الإليكترونية فى المراحل التالية للحرب بحرمان طائرات القتال الإسرائيلية التى طالما تغنت إسرائيل بتفوقها من تلقى أوامر التوجيه والمعلومات اللازمة لتنفيذ مهامها لدرجة أن بعض الطيارين الإسرائيليين إنخرطوا فى البكاء فى أجهزة الإتصال لإحساسهم بأنهم منعزلين عن قادتهم وعن وسائل المعاونة الجوية أثناء محاولة قصف مطارات القوات الجوية المصرية فى الدلتا والمنصورة يوم 14 أكتوبر 1973 الذى عرف بمذبحة الطائرات الإسرائيلية وفقد العدو 17 طائرة إسرائيلية فى أطول واكبر معركة جوية فى التاريخ دامت 53 دقيقة.

error: Alert: Content is protected !!