أخبارالأرشيفمجتمعمقالات

دماغيات أبو المجد: “فى شقة الأسكندرية” .. قصة حقيقية (1-2)

الاستماع للخبر

]لم يكن حال البيت بأفضل من الشارع، حيث كان الظلام يلف كل شيئ، إقتربنا من بعضنا البعض، وأصبحت الشجاعة التى كانت تتراقص أمامنا ترتعد داخلنا، حاول كل منا أن يجمع شتات أمره ولا يظهر خوفه أمام الآخرين.

كثيراً ما أستمع لحكايات غريبة من الأصدقاء والزملاء يقصون فيها حوادث حدثت لذويهم قديماً، تفيد جميعها أن أقاربهم تعرضوا لمواقف مع “مخلوقات غير مرئية”، أو مرئية؛ كأن يشاهدون نار تشتعل من تلقاء نفسها، أو رجل طويل جداً بأربع أيدى وثلاث عيون، وغيرها، إلا أننى أعتبرها تهيؤات من نسج خيالات مروجوها ولا أصدقها، وذلك لا ينفى إيمانى بوجود مخلوقات أخرى غيرنا تعيش معنا قد تم ذكرها فى القرآن الكريم..أو لم يتم ذكرها.

وفى صيف العام 1992، ساقنى القدر للعمل بمحافظة الأسكندرية، كنت ساعتها شاباً أنهى دراسته الجامعية منذ شهور فقط، ودماء وجرأة الشباب تتدفق فى عروقى وشرايينى، كنا حوالى 6 أشخاص، وقام صاحب العمل بإستئجار شقة لنا فى “عمارات الأوقاف” المطلة على البحر مباشرة بمنطقة “بئر مسعود” الشهيرة والجميلة.

كانت الشقة رائعة، فى الدور العاشر تقريباً على ما أتذكر، وكانت شرفتها تعد جنة فى أجوائها، إذ تطل على بحر ميامى الرائع، إلا أنى أذكر أيضاً أن سعر إيجار هذه الشقة كان (1800) جنيه فى الشهر الواحد، وكان هذا المبلغ باهظاً جداً فى تلك الفترة، بما يعادل قرابة 30000 جنيه حالياً، مما لايتناسب أبداً مع سكن (عمال).

ظل صاحب العمل يحث السماسرة بالبحث عن شقة بسعر أقل تكلفة، حتى أتصل بنا يوماً وأبلغنا أنه تم التعاقد على شقة أخرى بسعر (500 جنيه) فقط فى الشهر، وسيتم إنتقالنا إليها عقب يوم العمل الذى يبدأ فى العاشرة مساء وينتهى بعد الفجر.

جمعنا كافة إحتياجاتنا، وعقب إنتهائنا من العمل ذهبنا للشقة الجديدة وكلنا أمل أن تكون على نفس مستوى شقة بئر مسعود، أو أقل قليلاً؛ كانت الشقة فى نهاية شارع طويل جداً يحده من الغرب سور طويل خاص بـ”كلية التربية الرياضية” بمنطقة سان ستيفانو بالأسكندرية، ونهاية الشارع تضيق حتى يغلق تقريباً، ولا يوجد بهذا الشارع الذى يتجاوز طوله 350 متر سوى لمبة واحدة أو إثنتين على أقصى تقدير تبعث بإشعاع ضئيل كما فى الأبنية والقلاع القديمة، تضيف مزيداً من الغموض.

يقع “البيت” الذى به الشقة فى نهاية الشارع على اليسار، كانت ضحكاتنا وفرحنا بالتغيير يصدح فى أرجاء المنطقة، إلا أننا ومنذ اللحظات الأولى لدخلونا إلى الشارع إنخفضت ضحكاتنا، بل وأصبح حديثنا همساً، سرنا حتى وصلنا إلى البيت الذى به الشقة، قال لنا السمسار: “الدور شقة واحدة، وشقتكم فى الدور الثالث قبل الأخير..سلاموا عليكوا”، قالها وسلمنا المفتاح ثم أنصرف مسرعاً من على باب البيت ..!!

لم يكن حال البيت بأفضل من الشارع، حيث كان الظلام يلف كل شيئ، مدخل البيت صغير إلا أنه يتسع كثيراً فى الداخل، على بعد خطوات يطل عليك من أعلى بهو “منور” المنزل، المظلم الكبير.

فى صمت مطبق إقتربنا من بعضنا البعض، وأصبحت الشجاعة التى كانت تتراقص أمامنا ترتعد داخلنا، حاول كل منا أن يجمع شتات أمره ولا يظهر خوفه أمام الآخرين، أشعلنا الولاعات وأعواد الثقاب لنرى موطأ قدمنا أين تذهب، السواد الحالك فى كل مكان، السلم كبير وواسع جداً، واضح أن مساحة هذا البيت كبيرة للغاية، وتنم عن أسرار كبيرة يخبئها داخله.

كانت الساعة تقترب من الثالثة فجراً، واضح جداً أن البيت كله خالى ولا يوجد به (صريخ إبن يومين) إلا نحن، وصلنا إلى باب الشقة، لا توجد لمبة واحدة أو أى مصدر للإضاءة “يوحد ربنا” على السلم، أدخلنا المفتاح بالباب العتيق ففتح بصعوبة مصدراً صريلاً كافياً لزيادة الرهبة التى تكسو المكان والتى ذهبت معها آخر “فتافيت” الشجاعة لدينا.

ict-misr.com/20350/">[قيقية (2-2)[/box]