أخبارالأرشيفمقالات

بقلم رئيس التحرير: بين “2008” و”2023″..!!

الزمان..السبت، الموافق 6 سبتمبر من العام 2008، والمكان مطعم “ستوديو مصر”، كانت رائحة الشواء و”المحمر” و”المشمر” تتصاعد معلنة بدء مراسم السحور الذى تم دعوة عدد كبير من الوزراء والمسئولين ورؤساء الشركات العالمية والمصرية إليه، وفى وسط الظلام الذى ضرب بأسواره حول حديقة الأزهر الشهيرة أطلت النظر بأسى لبقعة الضوء الكبيرة على مرمى البصر..هناك.

لم تكن هذه البقعة إلا أضواء “البلدوزرات” الحكومية التى تقف ناظرة مكتوفة الأيدى عاجزة إلى تلك الصخرة التى قررت فى صبيحة نفس اليوم أن تهب من مكانها وترقد بقسوة على عشش وأجساد النائمين، لتزيد سكينتهم سكينة وتشعل قلوب المصريين وذويهم ألماً وحسرة، ودمرت الصخرة أكثر من 166 مسكنًا، وراح ضحية إنهيارها نحو 119 شخصًا، وأصيب 55 آخرين حسب البيانات الرسمية.

فى حديقة الأزهر تعالت الأصوات وتواصلت الضحكات والأحاديث الجماعية أو الجانبية، وعلى الجانب الآخر كان الصمت المطبق يلف كل شئ ورائحة الموت تزكم الأنوف وتملأ الصدور، وكانت الوجوه -قريباً وغريباً- تكتسى بالدموع من هول الفاجعة..أيضاً فى صمت.

لم تستطع الأجهزة وقتها إنقاذ من حبستهم الصخرة أحياء تحتها، وإقتصرت المحاولات فيما بعد لإستخراج الجثث مدة 3 أيام، وبعدها تم إعتبار من فقدوا تحت الصخرة شهداء..رحمة الله عليهم، بل والأدهى من ذلك أنه تم إغلاق ملف “صخرة الدويقة” بضحاياها من الرجال والاطفال والنساء، ولم يتم إتخاذ أية إجراءات لمنع تكرار هذه المصيبة..وبقى الحال كما هو عليه كأن شيئاً لم يحدث، وذهبوا للإحتفال وتناول السحور بحديقة الأزهر ودم الشهداء لم يبرد.

تذكرت هذه الحادثة بعد الزلزال المدمر الذى ضرب مدينة “قهرمان مرعش” التركية مخلفاً 46000 قتيل وأكثر من 50000 جريح، وهالنى مارأيت من دمار بالمدن السورية التى تعانى ويلات الإرهاب والحروب الداخلية..زلزال سوريا وتركيا جعلنى أفكر، ماذا إختلف بين أمس (2008)، واليوم (2023)؟.

فى العام 2014 قالت الدراسات أن عدد المناطق العشوائية بمصر يقدر بنحو 1221 منطقة، 20 منها تقرر إزالتها لأنها لا تقبل التطوير، و1130 منطقة قابلة للتطوير، كما أضافت الدراسات أن هناك 28 مليون مصرى يعيشون بالمقابر والعشوائيات والعشش والمساجد، خاصة فى مقابر البساتين والإمام الشافعى وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثى وعين شمس ومدينة نصر، يعيش أكثر من نصفهم فى القاهرة الكبرى، ويسكنون مساكن غير ملائمة للبشر، ويعيشون معرضين لخطر الانهيارات الصخرية أو السيول أو الحرائق..كل ذلك بعد 6 سنوات من كارثة الدويقة .. !!

إحقاقاً للحق، فإنه فى منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية، بذلت مؤسسات الدولة جهودًا كبيرة في ملف تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة، وكللت هذه الجهود بنجاح كبير، من خلال إقامة مشاريع إسكان بديلة في جميع المحافظات، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، ونقل سكان المناطق العشوائية إليها.

ومع بدايات العام 2022 وصلت نسبة التنفيذ فى ملف تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة إلى 95%، وأصبحت نسبة المناطق العشوائية غير الآمنة تمثل 1% من العمران في مصر، وتكلفت عملية تطوير المناطق غير الآمنة هذه حوالي 40 مليار جنيه سواء بخلاف قيمة الأرض التى وصلت إلى 23 مليار جنيه، وبالتالي فإن إجمالي تكلفة تطوير المناطق غير الآمنة يصل إلى 63 مليار جنيه.

حدثت قفزة واسعة في ملف تطوير العشوائيات، كان لها مردود إيجابي ضخم على مختلف المناحي، وأثرت بشكل مباشر في حياة الإنسان المصري، حتى نجحت هذه الجهود فى توفير الحياة الكريمة للسكان والمواطنين.

 

[facebook][tweet][digg][stumble][pinterest][follow id=”ictmisrcom” ]

error: Alert: Content is protected !!