أخبارالأرشيفمقالات

دماغيات “أبو المجد”: خطوات الطاووس ..!!

العدو الأول لإبن آدم هو طاووس الملائكة؛ إبليس، “كما يروق للبعض أن يسمونه”، هو أول من أعمته غيرته وأردته سقر حين رفض أن يمتثل لأمر الله الخالق عز وجل فى أن يسجد لأبينا آدم، وقال بملئ فيه: “أنا أفضل منه، خلقتنى من نار وخلقته من طين”، وبعدها أقسم بأغلظ الأيامين ..بعزة الله وجلاله: “وعزتك وجلالك”، على أن يتتبع ذرية آدم بالغواية قائلاً: “لأغوينهم أجمعين”، بعدما أدرك أنه “يائس من رحمة الله”، وأنه “عليه اللعنة إلى يوم الدين”، فالأمر أصبح إذاً مفروغ منه، وبالعامية: “كله محصل بعضه، كده خربانة وكده خربانة”.

بسم الله الرحمن الرحيم:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ”..

صدق الله العظيم

الغريب والمحير فى الأمر أن كل البنى آدميين يعرفون هذه القصة جيداً، ويؤمنون بها على إختلاف لغاتهم وأديانهم ومعتقداتهم، ويدركون تماماً أن عدوهم الأول والحقيقى هو إبليس، هو من أخر أبائهم وأمهم من الجنة، وهو السبب فى الهبوط إلى الأرض والمعاناة إلى يوم الدين، وهو الذى وسوس لأجدادهم قابيل وهابيل فاقتتلا حتى زهقت روح أحدهم، ومازالت غوايته مستمرة، وأصبح له أعوان وأعوان بمرور السنين، ومع ذلك لازالوا يتبعونه فى كثير من أمور دنياهم، ويصغون لوشايته، ويستخدمون وسائله فى الكثير من أمور حيواتهم..يعنى ببساطة: “عارف إنك كذاب بس مصدقك”.

السبب الرئيسى لكتابتى هذه الخواطر هو كم الحوادث والجرائم الغريبة التى طالعتها هذه الأسابيع، فتاة فى العقد الثالث من عمرها مخطوبة تمارس الرزيلة مع فتى مدمن يصغرها بـ 10 سنوات، وتدعوه -بل وتضغط عليه- لقتل أمها لأنها علمت بهذه العلاقة الآثمة، ورجل يهشم رأس جاره المحامى وسط أولاده وزوجته لأنه دافع عن أمه ومنعه من ضربها، وفتاة تحمل فى أحشائها جنيناً من زواج عرفى من زوج أمها الحامل هى أيضاً، وسيدة راقية تحمل سفاحاً من “عامل بجراج العمارة” وتلقى بطفلها فى البدروم، وأخرى يكتشف زوجها خيانتها فتقتله خنقاً بمساعدة عاشقها ويتركانه بسريره ويمارسان الرذيلة على الأرض بجواره فى ذات الغرفة، ورجل يفشل فى صلح زوجته الغاضبة فينهال عليها بطلقات الرصاص لتلقى هى وأبيها وأمها وأخيها وأولادها الثلاثة مصرعهم..وغيرها من الجرائم التى يتجمد العقل عند التفكير فيها.

بسم الله الرحمن الرحيم:

“الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”

صدق الله العظيم

الأمر بسيط، أغلب هذه الجرائم -إن لم تكن جميعها من وجهة نظرى- تبدأ بذنب صغير، وما كانت لتحدث لو أننا تداركناها فى لحظة هذا الذنب، فمثلاً لو أن الخائنة فى بدايات لحظة ضعفها هذه إستعاذت بالله من الشيطان الرجيم أو إستغفرت الله من التفكير فى هذه الشهوة الحرام أو توضئأت أو قامت لتصلى ماكانت ستصل الأمور إلى ماوصلت إليه..وكذلك الأمر بالنسبة للعاشق الماجن.

ولو أن هذا الزوج فكر مرتين قبل أن يتسبب فى إغضاب زوجته، أو أنه لم يترك للشيطان باباً يدخل منه بينه وبين من جعل الله بينه وبينها “ميثاقاً غليظاً” وتحمل غضبها الذى مما لاشك فيه سينتهى فى وقت ما، أو لو أنه إستعاذ بالله من “شر الشيطان وشركه”، ما وصلت الأمور لهذه الجثث السبعة.

بسم الله الرحمن الرحيم:

“وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”

صدق الله العظيم

وكذلك لو أن هذه الزوجة التى إعتادت أن تسلط سياط لسانها على زوجها وتهين رجولته، لو أنها إستعاذت بالله من الشيطان وغوايته التى “يفرق بها بين المرء وزوجه” ما وصلت الأمور إلى أن تصبح بهذه الأعداد التى نراها فى “محاكم الأسرة”.

تؤكد الدراسات أن جرائم السرقات تكثر فى فصل الشتاء، وترتفع معدلات جرائم القتل صيفاً، ويشهد شهر أغسطس عادة أعلى معدلات جرائم القتل، بينما تتزايد نسبة الجرائم الجنسية فى الربيع، مما يعنى أن إرتفاع درجات الحرارة تكون سبباً مضاعفاً لإرتكاب الجرائم، ونحن على أعتاب فصل الصيف، كما أن الحالة المادية الصعبة التى نعيشها جميعاً هذه الأيام تمثل عبئاً مضاعفاً على كاهل أرباب الأسر، مما يدعونا جميعاً لـ “تحمل بعضنا” وعدم التحامل أو ممارسة الضغوط التى قد تؤدى إلى المزيد من المشاحنات والذنوب.

عدونا الرئيسى والأساسى هو الشيطان “إبليس”، ونحن على الوجه الآخر بالنسبة له أعدائه، ولن يكون بيننا وفاق أو تصالح أبداً، لذلك وجب علينا أن نحتاط منه، ونبتعد عن طرقه ودروبه وألاعيبه وسبل غوايته، ونتمسك بالله وبالقيم والأخلاق والدين حتى نكون فى عصمة دائمة منه ومن شروره وشرور أعوانه، وحتى تصبح حياتنا كما أرادها الخالق لنا “سكن وسكنى وسكينة”، فأستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم.

error: Alert: Content is protected !!