أخبارالأرشيفمقالات

خالد أبو المجد يكتب: إقتلوا “عفاف”..!!

الاستماع للخبر

عندما أطلقت الحكومة المصرية العنان للصحوة الرقمية فى الخدمات كان الغرض الاساسى لتنفيذها يتمثل فى محورين؛ الأول: تسهيل إجراءات الحصول على الخدمات للمواطنين، والثانى: تحقيق الدقة والجودة والسرعة فى تنفيذ هذه الخدمات، وأتخذت الدولة لإنجاح المنظومة الرقمية وهذين المحورين كافة الاجراءات اللازمة، وأنفقت فى سبيل ذلك المليارات، وطورت البنية التحتية الواجب توافرها حتى نافست فى ذلك الدول المتقدمة والمتطورة، وبقى فقط العنصر البشرى الذى لم تغفل المنظومة تطويره فعلياً..إلا أن “مدام عفاف” صاحبة “شباك 3” كان لها رأى آخر.

“عفاف” التى أقصدها هنا هى شخصية إفتراضية من وحى الخيال لاتمت إلى أى “عفاف” بصلة، خليفة “عبد الروتين” الشهير الذى إبتدعه أستاذنا المبدع المرحوم مصطفى حسين، تمثل البيروقراطية والتشدد والروتين فى عصرنا الرقمى الحديث، وأى تشابه بين الاسم والحقيقة هو محض صدفة لاغير، فلا زال للأسف توقيع عفاف أو “تأشيرتها” موجودة فى مسار السواد العظم من الخدمات، ولا زالت “عفاف” تتفنن فى “عرقلة” يسر الخدمات وسرعتها، وإنجازها فى وقت قياسى..وتتلذذ بذلك وتشعر بالسعادة عند تحقيق غايتها.

على سبيل المثال لا الحصر؛ تسير الإجراءات الخدمية فى إحدى المنظومات الجديدة المالية بشكل رائع، ويتم تأديتها بصورة آدمية إفتقدناها لعقود، إلا أن “عفاف” تقف بالمرصاد فى المنتصف، فلابد من “تصوير” هذه الأوراق، ثم الذهاب إلى شباك “8” للحصول على توقيع أستاذ “فلان”، ثم العودة وترك نسخة، والنسخة الثانية يتم تسليمها فى الدور الرابع عند أستاذ “علان”..ماهذا يا “عفاف”..ألا يمكن أن تتم كل هذه الخطوات عبر “المنظومة الرقمية”، أو عبر شبكة “الانترانت” الداخلية لهذه المصلحة عن طريق الايميل مثلاً.

والأدهى من ذلك أن “عفاف” من الممكن “إذا كانت الغزالة مش رايقة” أن تطلب نسخة من ورقة معينة من مكان آخر يبعد عشرات الكيلومترات دون أى إكتراث بمشقة المواطن أو وقته، ولا “يحن قلبها” فى معظم الأوقات لمريض أو مسن.

كل الوزارات بها إدارة خاصة بالتكنولوجيا، أدعوهم؛ بل وأتوسل إليهم أن يفتشوا بعناية عن كل “عفاف” موجودة لديهم، والتخلص منها عن طريق التوعية برقمنة الخدمات، وتنفيذ التوجيهات الرئاسية بتسهيل الخدمات للمواطنين، حيث أن عصر “المجتمع الورقى” قد إنتهى إلى لا رجعة، ومصر أصبحت فى عصر القيادة السياسية الحالية فى مصاف الدول المتقدمة تكنولوجياً ورقمياً، وصارت تصدر خدماتها الرقمية لدول الشرق الاوسط وأفريقيا..بل وللعالم أجمع، فلا يصح أن يكون فى هذا العصر مكاناً لـ “عفاف” أو مثيلاتها.