أخبارالأرشيفمقالات

خالد أبو المجد يكتب: الصين..وإجابات ثلاث..!!

الاستماع للخبر

سألنى صديقى بمنتهى العفوية: “كيف تستطيع الصين أن تطرح منتجات بهذه الأسعار المنخفضة ؟”، سؤال بسيط لكنه عميق فى ذات الوقت؛ ذكرنى بعدة مواقف تشرح إجابة هذا التساؤل بمنتهى الوضوح، ولعل أكثرها وضوحاً ما كان من رد المفوض المصري لإحدى الشركات الصينية فى مصر: “عايز من أبو كام ؟”.

خلال فترة “المتاهة” التى صاحبت أحداث يناير 2011، وبينما أنا جالس مع أصدقائى رؤساء بعض شركات المدفوعات الرقمية على إحدى المقاهى بشارع “ولى العهد”، وإذا بمندوبة أحد المصانع الصينية تحضر حسب موعد مسبق مع صديقى، وبدأت فى عرض منتجات مصنعها من الهواتف المحمولة، والحق يقال أن الشكل الظاهرى لبعض الهواتف أذهلني وخطف بصري، فقد شابه لحد كبير هواتف “موتورولا” الشهيرة، إلا أنه تميز عنه فى صغر الحجم وخامة الصنع، والتى كانت من الأبنوس الأسود المرصع بإطار من الذهب.

عرضت المندوبة أكثر من 10 نماذج، تنوعت أسعارها من حوالى 25 جنيه، وحتى 200 جنيه، شرطها الوحيد كان التعاقد على 10 آلاف وحدة سنوياً..وكان تفسيرها لرخص السعر والتفاوت الكبير فيه هو أن جودة المواد المستخدمة هى المحدد الرئيسى للسعر..وهذا هو الجواب الأكثر شيوعاً لتساؤل صديقى.

صديقى المهندس صاحب شركة الالكترونيات وجدت لديه الإجابة الثانية؛ حينما قص علىّ كيف أنه أراد أن يصّنع لوحة مفاتيح “كيبورد” مصرية الصنع للكمبيوتر، وكيف أنه قطع فى ذلك شوطاً كبيراً حتى وصل بالفعل إلى إنتاج كيبورد رائع وبه كافة أسباب الجودة، إلا أنه إصطدم بحائط التكلفة، والتى جعلته من المفترض أن يطرح لوحته بسعر يماثل 4 أضعاف مثيلتها المستوردة من الصين، وذلك نتيجة الفارق الهائل فى حجم الانتاج، والذى تتضائل معه التكلفة الانتاجية.

الاجابة الثالثة والأخيرة تكمن فى كلمة واحدة وهى “الاحتكار”؛ وهو بإختصار ما فكر فيه “أيلون ماسك” عندما طرح منذ قرابة 10سنوات فكرة “الانترنت الفضائى” عن طريق مشروعه “ستارلينك”، وهى فكرة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها العذاب، إذ أنه كان قد أعلن أنه سيقدم سرعات هائلة للانترنت، كما أن الاتصال بالانترنت سيكون متاحاً فى كافة بقاع الأرض دون الحاجة إلى أسلاك، وبالتالى فإن العمال فى المناجم ومتسلقى الجبال والغواصين سيكونون على اتصال دائم بالانترنت، كما وعد ماسك أن يكون الاشتراك بالخدمة إقتصادياً وبرسوم متواضعة، وذلك للمنافسة مع الشركات مقدمة خدمات الانترنت والتى حتماً لن تكون المنافسة فى صفها، وبعد أن تخسر هذه الشركات عملائها ومن بعدهم رأسمالها..فماذا سيكون الوضع، سيكون “ستارلينك” هو المتحكم الأوحد فى خدمات الانترنت حول العالم، وبالتالى يعدل أسعاره كيف يشاء..وهذا هو النموذج الأمثل للاحتكار.