أخبارالأرشيفمقالات

خالد أبو المجد يكتب: الانتقام .. تكنولوجيا ..!!

الاستماع للخبر

لازلت أتذكرها..صورتها مازالت ماثلة أمامى على الرغم من مرور قرابة الثلاثون عاما، بشيخوختها الطاعنة، وملابسها السوداء الكامنة أسفل ردائها الثقيل..الأسود أيضا، وجلستها المعتادة قرب منزلنا بالقرية الصغيرة بالجنوب الغربى لمحافظة سوهاج.

قالت لى – بعفوية متجسدة وطيبة ناطقة- عندما شاهدتنى أستمع الى الراديو الصغير: ” قالوا لنا زمان إن الحديد هيتكلم .. ماصدقناش”، تذكرت هذه الكلمات وأنا أتابع خبر محاكمة طالب قام بنشر صور صديقته على موقع الفيس بوك.

كانت طرق الانتقام قديما لا تتعدى إنتشار الأقاويل عن شخص ما، أو نشر الشائعات، وفى المراحل المتقدمة تصل الى الشجار .. وينتهى الأمر بين أشخاص محدودين.

أما الآن فى عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأجيال المتلاحقة من التقنيات والآى باد والانترنت تغيرت صور الانتقام، وأنخرطت هى الاخرى فى غياهب التقنية، وأصبحت فضائح مدوية ليس لها حدود.

تذكرتها عندما داوم أحد الأشخاص على مضايقتى تليفونيا، بإستخدام عددا من خطوط المحمول عجزت كل ألوان القوائم عن حجبها، وعلم صديق لى – لم ينل قسط كبير من التعليم – بالقصة وطلب منى أرقام هذا المعاكس، وفجأة توقفت المضايقات دون سبب معلوم أو واضح.

صديقى قدم التفسير بأنه لجأ الى وضع أرقام صاحبنا فى صفحات الساقطات والداعرات على مواقع التواصل الاجتماعى على أساس أنها واحدة منهم، مع صورة عارية مناسبة، وبهذه الطريقة التكنولوجية تم الانتقام من هذا المعاكس وتلقينه درساً تكنولوجيا أعتقد أنه لن ينساه.

المدهش فى الأمر أن صديقى ذو المستوى التعليمى المتواضع أدرك كل الجوانب التى يمكن الاستفادة منها من وسائل التكنولوجيا المتوفرة، مما يعطى إنطباعا جيدا عن نجاح إنتشار منظومة تكنولوجيا المعلومات فى مصر، وعدم قصر فهمها أو إستخدامها على طبقة معينة دون غيرها.

كما إن الملاحظ أيضا أن الذكاء والفكر المصرى الذى يتعدى حدود المعقولية تمكن من  الاستفادة حتى من أكثر الأوجه التكنولوجية والاتصالاتية فساداً وقبحاً، وأستطاع تطويع صفحات الجنس على الانترنت لخدمة رغباته الانتقامية إذا لزم الامر..كم أنت رهيب ورائع أيها المصرى.