أخبارالأرشيفمجتمعمقالات

خالد أبو المجد يكتب: إعلان حرب..!!

الاستماع للخبر

“الحزن سكة مشيت فيها..وهمومى غنوة بأغنيها”، تغنت بها نجلتى “وعد” ذات الخمسة عشر ربيعاً، من هنا كانت البداية، سألتها: “سمعتيها فين الأغنية دى؟”، أجابتنى: “عجبتك يابابا..دى أغنية “أ.موزة”..!!”، لحظتها أسقط فى يدى، لا أدرى من أين جائتنى الصدمة؛ هل هى من كلمات الأغنية، أم من إسم من غناها، أم أن فلذة كبدى تطرب لسماع هذه الشرذمة التى إحتلت أذواق شبابنا بأغانيهم “قليلة الذوق”.

قررت أن اخوض تجربة “تصحيح بعض المفاهيم”، ولم أكن أدرى أن ذلك يعنى “إعلان حرب” بينى وبين “توجه جيل” بأكمله، قلت لإبنتى: “أولاً دى مش أغنية مش عارف مين اللى قلتى لى على إسمه أو صفته ده، دى كلمات أغنية مطرب شعبى قديم حبتين رحمه الله إسمه مجدى طلعت”، وأسمعتها إياها ظناً منى أنها ستجد الفارق واضحاً بين الغناء والـ “..”.

لم أكن أتخيل أنه سيأتى يوماً يصبح فيه المرحوم “مجدى طلعت” قامة غنائية نأمل أن يقتدى بها هذا الطوفان من أصحاب “أنكر الأصوات”..ظننت واهماً أن إبنتى إقتنعت بالفارق فى الصوت والأداء، إلا أنها فاجئتنى للمرة الثانية: “إنت عارف يابابا الأغنية دى عاملة مليون لايك على يوتيوب”، إتسعت حدقة عينى وإنعقد لسانى عن الرد من الصدمة، إستجمعت البقية الباقية من ثباتى وقلت: “الأغنية اللى أنتى بتقولى عليها دى ستختفى بعد شهرين على الأكثر، وعارفة ياوعد أغنية الأطلال لسيدة الغناء العربى شدت بها لأول مرة منذ 58 عاماً، لم يكن هناك سوشيال ميديا ولافيسبوك ولايوتيوب أو تيك توك، وظلت مبيعاتها تتخطى المليون إسطوانة سنوياً حتى منتصف التسعينات، وحالياً تتخطى مشاهداتها على اليوتيوب الملايين”.

أبدت إبنتى إمتعاضاً داخلياً لم تظهره بالكامل إحتراماً لوالدها -كتر خيرها- إلا أن عدم إقتناعها كان واضحاً جلياً، مما جعلنى أنسحب بهدوء من هذا الجدال غير المجدى، فالعاقل من يفكر دائماً أين ومتى يضع كلماته، وليس من المنطقى أن أغير فى لحظات قناعات جيل يتعرض لأقبح وأصخب الأصوات والكلمات المنغمة تحت مسمى “أغانى المهرجانات”.

كان “على أيامنا” من يستمع لـ “أحمد عدوية” فاسق، وتلاهم “الزنادقة” معجبين “المرحوم حسن الاسمر”، ثم بدأ الانهيار بأغانى الفاكهة “العنب” ثم “البرتقال” حتى وصلنا إلى “الحمار”، عندها بدأ إنفجار براكين “المهرجانات” بـ “أولاد سليم اللبانين” ومن بعدها سيل من النفايات الغنائية حتى وصلنا لحالنا اليوم.

ليس لنا من الأمر من شئ، إلا أن ندعو لهم بالهداية، فلابد أن يخوض هذا الجيل التجربة ثم يختار طريقه بنفسه عملاً بحكمة سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه: “ “لا تربوا أبناءكم كما رباكم أباؤكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم”.