أخبارالأرشيفمقالاتمنوعات

“دماغيات أبو المجد”: فى البلد (٤)

رمضان

الاستماع للخبر

رمضان فى الصعيد بصفة عامة مختلف تماما عن رمضان فى القاهرة أو الإسكندرية او المحافظات الحضرية، يبدأ رمضان فى قريتنا الصغيرة من قبل اول ليلة، حيث يتم الاتفاق بين أسر العائلة الواحدة على تقسيم ليالى الشهر المبارك على الأسر، تتكفل كل أسرة بعدد أيام محددة من شهر رمضان.

على سبيل المثال لو كانت العائلة تتكون من ٦ أسر فإن كل أسرة تتولى شئون الإفطار والسحور وكافة الامور الأخرى مثل النظافة وتوفير المياه والجوزة والفحم والمعسل لمدة ٥ ايام.. قد تكون متتالية او مجزأة.

قبيل بداية الشهر تبدأ مفاوضات الاتفاق مع (إمام وحافظ للقرآن) ليقوم بقراءة القرأن طوال ليالى الشهر المبارك بمقابل كان يعد مبلغا طائرا فى وقتها يصل لأضعاف مرتب الموظف الكبير.

يبدأ يوم شهر رمضان فى قريتنا من بعد صلاة العصر فى اليوم الأول، حيث يتم فتح (المندرة) او دوار العائلة، وتنظيفها وإعدادها وتجهيزها لاستقبال الضيوف طوال الشهر الفضيل من قبل الافطار حتى السحور.

بعد صلاة العصر بساعة مثلا يتوجه الإمام إلى دوار العائلة التى تم الاتفاق معها، ويبدأ فى تجهيز نفسه ليقوم بقراءة القرأن عقب صلاة المغرب، ذلك في حالة أنه يكون من من أهل القرية أو يقطن في قرية قريبة، أما لو كان بيته بعيدا جدا بحيث لا يمكن الذهاب والإياب يوميا فيتم تجهيز مكان بالمندرة لبيات الشيخ.

عند المغرب تقوم الأسرة التى وقع عليها الدور للتكفل بهذا اليوم فى المندرة بتجهيز عدد من الطبالى (جمع طبلية) للافطار، على أن تكفى الوجبة لعدد لا يقل عن ١٥ فرد فى المتوسط بخلاف الإمام، ويقوم افراد الاسرة جميعها (الذكور فقط طبعاً) ومن يرغب من أفراد العائلة او من أهل القرية أو العائلات الأخرى أو الغرباء بالجلوس للافطار دون خجل او عزومة.

تكون الطبلية عامرة بما لذ وطاب من المحمر والمشمر واللحوم والدجاج، إضافة إلى عدة أنواع من العصائر وأصناف من أشهى أنواع الحلوى.

بعد صلاة المغرب يذهب الجميع إلى تناول الإفطار، ويليه الطقس المقدس وهو تتاول الشاي الصعيدي الثقيل، ثم يبدا الشيخ فى تلاوة القرآن مرة او مرتين حتى أذان العشاء، حيث يتوافد الجميع على المساجد والزوايا لصلاة العشاء والتراويح..وبعدها يعودون للجلوس فى المنادر (جمع مندرة) للسهر وتبادل الأحاديث والحكايات وسماع القران الكريم الذى يستمر فى مقاطع حتى السحور.

من ملاحظاتى فى قريتنا الغالية ان صلاة العشاء وركعات التراويح الثمانية كانت تستغرق ١٥ دقيقة كحد أقصي، وأيضاً لاحظت ان أقصى توقيت لتناول وجبة السحور كان فى الواحدة فجراً، وبعدها تنتهى الليلة ويذهب كلُ إلى منزله وفراشه، ليبدا عمله فى اليوم التالى فى الخامسة صباحاً.

كانت هذه هى حياتنا فى رمضان فى البلد، سهر حتى قرب الفجر -فرصة لا تتكرر للسهر- ثم نوم قدر المستطاع حيث اننا فى أجازة ولا توجد (شغلة ولا مشغلة)..إلى ان يوقظك شئ او شيئة..!!!