أخبارالأرشيفمقالات

خالد أبو المجد يكتب: “خالتي ماتت”

الاستماع للخبر

أقل من شهر؛ وفارقت آخر شقيقات والدتي رحمها الله الحياة، لم تدم غيبوبتها أكثر من 28 يوم قضت منهم فى القاهرة قرابة الثلثين ثم سافرت لتلفظ آخر أنفاسها فى بلدتها “جرجا” مقر مولدها ومسقط رأسها لتواري الثري بجوار أبيها وأمها وزوجها وأخيها وشقيقاتها.

خالتي التي ماتت..أكن لها في صدري الكثير والكثير من الأحاسيس والمشاعر الجياشة وعلامات الحب الكبيرة، لم تكد تراني فى مرة إلا وتقدم علي تقبيل يدي قائلة لي: “إنت خالد الغالي”، لم أتذوق يوماً في حياتي كعك العيد أطعم ولا أكثر نعومة مما كانت تصنعه بيديها فى الفرن البلدي، كانت تراقب بنفسها كوب الشاي الذي يتم إعداده خصيصاً لى حتي يكون “فى المظبوط مش تقيل” نظراً لأنهم كانوا يفضلون “الشاي التقيل الصعيدي الحبر”.

أذكر أيضاً لها -رحمها الله- أني لم أرها جالسة يوماً وزوجها -رحمه الله- واقفاً، بل كانت تقف بكل إحترام وإجلال بمجرد رؤيته، ولا تجلس إلا إذا جلس هو، وهبها الله بر زوجها ورضاه.

كانت رحمة الله عليها دائماً هادئة وضاحكة وبشوشة حتي فى أحلك اللحظات، وكانت سهلة هينة لينة المعشر والتعامل، لا تجد فيها أبداً مايسمي بالعند أو المكابرة، خانعة راضية بحالها وعيشتها إلى أقصي الحدود، كانت أقصي طموحاتها أن “تزور سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم” والحمد لله قبل الله دعائها وحقق أمنيتها.

كنت حريصاً على مهاتفتها كل جمعة للإطمئنان عليها، وقدر لي الله أن أكون بجوارها خلال زيارتها الأخيرة إلى القاهرة، وأكثر ما يسعدني ويرضيني..وفى ذات الوقت يزيد من حزني أنها كانت تردد إسمي بإستمرار خلال غيبوبتها الأخيرة.

رحمة الله عليكي ياخالتي الغالية..وأسكنك وأمي وأختي وأبي وأمواتنا جميعاً فسيح الجنان وتجاوز عن سيئاتهم وغفر لهم وألهمنا الصبر من بعدهم..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.