الأرشيفمقالات
أخر الأخبار

“فؤاد أبو جلال”: “قصة حقيقية من وحي الخيال” .. (1)

يكتبها: خالد أبو المجد

الاستماع للخبر

المشهد الاول: وداعا إسنا

وقف الشاب “فؤاد ابو جلال” صاحب السبعة وعشرون عاماً يودع والدته ذاهبا إلى مدينة “جرجا” حيث سيعمل هناك ضمن عمال “الفاعل” فى الخرسانة فى مشروع إنشاء “مصنع السكر”، تاركاً قريته التي تربي بها فى محافظة “قنا” بعد أن توفي والده “جلال” الذي كان يعمل فى عمالة السكك الحديدية باليومية تاركا وراءه زوجة وولد “فؤاد” وإبنة صغيرة “وداد” دون أي إرث او مصدر رزق.

كان فؤاد يمتاز بالقوة العضلية والجسمانية ولذلك إمتهن المهن التي تحتاج إلى قوة وجلد ويتقاضى مقابل ذلك اجر معقول.

اما وداد فقد لجأت إلى “كتاب القرية”، واستطاعت أن تحفظ قدر كبير من القرآن والعلوم الدينية، وعملت مقابل ذلك في “محل الشيخ إبراهيم” شيخ القرية، والذى كان لايتقاضى منها اجر مقابل تعليمها القران، ويعطيها اجر بسيط مقابل عملها فى المحل.

قرر فؤاد الذهاب إلى جرجا حيث وعده “المعلم” باجر محترم مقابل عمله (10 جنيه يومية) كعامل للخرسانة مستخدماً بنيته العضلية والجسمانية العملاقة..وودع امه واخته على وعد بالعودة لهم مرة كل شهر لزيارتهم.

المشهد الثاني: الحصار

يركب فؤاد ابو جلال القطار الدرجة الثالثة، ويلقى جسده الكبير على الارض بجوار الباب مستنداً على ظهر الكرسى خلفه، مراقباً لـ “الكمسرى” حتى يستطيع أن ينزل من القطار إذا رآه قادما ويذهب ليركب عربة اخرى يكون الكمسرى قد مر عليها بالفعل متهربا منه حيث انه لا يمتلك سوى قروش قليلة يريد أن يحتفظ بها “يممن تنفعه فى رحلته”.

يسرح فؤاد بخياله متذكرا ايام شقاه وتعبه ولعبه وطفولته فى محافظة قنا، ويخرجه من خياله صوت فرامل القطار والهزة الكبيرة التي يحدثها معلنا وصوله محطة “البلينا”، والتى تسبق محطة “جرجا” التى ينوى فؤاد أبو جلال ان ينزل بها.

يبدا القطار فى التحرك ببطء متجهاً إلى محطة جرجا، إلا أن الكمسرى يركب من نفس الباب الذى يجلس على ارضيته فؤاد، ويصبح فؤاد فى ورطة، ينهض مسرعاً ليتحرك ناحية داخل العربة ليفاجأ أن كمسرى آخر قادم من نهاية العربة، اصبح فؤاد محاصرا بين الاثنين فماذا يفعل.

المشهد الثالث: الإنقاذ

حاصر الكمسارية كل من كان يحاول التهرب من دفع تذكرة القطار فى العربة التى يستقلها فؤاد ابو جلال ، وفكر فؤاد سريعا، وامسك ببطنه متاوها ومتظاهرا بضرورة دخول الحمام فورا، فما كان من الجميع إلا أن افسحوا له الطريق، وما ان دخل الحمام واستقر به حتى اغلق الباب من خلفه وظل به طوال الدقائق العشرة التى تفصل البلينا عن جرجا، والتى مرت عليه وكانها ١٠ ساعات، وكاد قلبه ينخلع من الفرحة بعد أن سمع صوت فرامل القطار تعلن الوصول إلى محطة جرجا وانتصاره على الكمسارية ونجاته بال ٥٠ قرشا ثمن التذكرة من إسنا وحتى جرجا.

وقف القطار..وفتح فؤاد باب الحمام وانطلق تجاه باب القطار ليقفز فرحا على المحطة ليبدا فصلا جديدا في حياته كعامل خرسانة باليومية بمصنع السكر بجرجا.

المشهد الرابع: جودت بك 

يتقدم ضابط امن الدولة المقدم جودت عبد الرحمن إلى قسم شرطة جرجا ليتسلم مهام عمله بفرع امن الدولة بجرجا، ويتلقى التحية من العساكر والضباط هناك حتى يصل إلى مكتب المامور.

يجلس جودت مع المامور الذى يضغط على الزر لياتى إليه العسكرى المكلف بخدمته ويطلب ٢ فنجان قهوة احدهما مضبوط والآخر سادة علشان جودت بك.

يسلم المامور للمقدم جودت عدة ملفات لعدد من البلطجية المطلوب القبض عليهم، ويلفت نظر المقدم جودت ملف يحمل إسم “حربي الصعيدي”، حيث انه متهم بعدد كبير وضخم من جرائم البلطجة والاعتداء على الاشخاص والسرق بالإكراه وغيرها من جرائم النفس.

يقرر جودت بك ان يكون حربى هذا هو اول فرائسه، ويبدأ في ساعتها فى جمع تحريات المباحث حول أماكن تواجده والأشخاص المحيطين به والمتعاملين معه..وبالفعل يجمع قدر كبير من المعلومات في وقت قصير ويحدد من اين يبدا..من قهوة “الوابور” ببحري جرجا.

يتبع