أخبارالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

شريف عامر يكتب: حروب الجيل الرابع..الصياغة الإعلامية وكيف تؤثر على عقل المتلقي

الاستماع للخبر

عايز تعرف وتشوف بعينيك إزاي محطة فضائية مشبوهة زي «Bein sport» بتعمل برمجة عصبية للمشاهد بحيث انها تؤثر في عقله الباطن وشعوره وتمرر الخبر أو المعلومة بالطريقة المسمومة اللي هي عايزاها ، بص وشوف إزاي اتكلمت وصاغت خبر هزيمة المنتخب المغربي من المنتخب الأسباني في رياضة كرة القدم، وإزاي برضو نفس القناة اتكلمت وصاغت خبر هزيمة المنتخب المصري من المنتخب الفرنسي في نفس الرياضة، وقارن بين صياغتها للخبر في الحالتين عشان تشوف مثال واضح على كيفية استخدام الإعلام في حروب الجيل الرابع اللي بتستخدم وسائل غير تقليدية زي الإعلام والتكنولوجيا علشان تحقق أهدافها.

شريف عامر أمين الإعلام بحزب حماة الوطن بأمانة الاميرية
  1. في حالة المنتخب المغربي كانت صياغة الخبر كالتالي: “المنتخب الإسباني يبلغ نهائي مسابقة كرة القدم لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 بفوزه على (نظيره المغربي) 2-1”.
  • ولو تلاحظ هنا فالتركيز كله كان على إبراز فوز المنتحب الإسباني، في حين ان هزيمة المنتخب المغربي تم تمريرها بشكل ثانوي وغير مباشر في السياق..والهدف هنا هو تقليل التأثير السلبي للهزيمة على معنويات الجمهور المغربي.
  1. في حالة المنتخب المصري كانت صياغة الخبر كالتالي : «مصــر» تفشل في بلوغ نهائي كرة القدم في أولمبياد باريس 2024 بخسارتها أمام المضيف (فرنسا) 3-1 بعد التمديد”..هنا بيتكلم عن بلد وهناك تكلم عن منتخبات كرة.

وهنا بقى بتلاقي التركيز كله كان على إظهار «فشل مصر» وخسارتها، بقصد تصدير وترسيخ الإحساس بالهزيمة والإحباط في نفوس الجمهور المصري.

حاجة كمان، في الخبر الأول الخاص بالمغرب القناة بتقول «المنتخب الإسباني» و«المنتخب المغربي»، وبكده هي حصرت موضوع النصر والهزيمة في الإطار والحجم الصحيح وهو الرياضة وكرة القدم..لكن في الخبر الخاص بمصر بتلاقيها ماقالتش «المنتخب المصري»، ولكن قالت «مصــر» تفشل..بشكل يوحي بأن الفشل حالة عامة تشمل «مصر» كلها بنظامها السياسي بحكومتها بادارتها بمؤسساتها بأجهزتها، وحتى بشعبها.

حروب الجيل الرابع تعتمد بشكل كبير على هزيمة العقول والمعنويات أكتر من الاعتماد على الهزيمة بالقوة العسكرية التقليدية، والإعلام بيكون سلاح قوي في النوع ده من الحروب، لأنه بيقدر يزرع مشاعر الفشل والإحباط عند الجمهور المستهدف، و ده بيحصل من خلال:

  1. الصياغة الملتوية المتعمدة للأخبار: زي ما شفنا في الصورة، نفس الحدث “الخسارة في مباراة كرة القدم” ممكن يتقدم بطريقتين مختلفتين تمامًا لتوصيل رسائل مختلفة… صياغة خبر هزيمة مصر بتركز على الفشل، بينما خبر هزيمة المغرب بيركز على إنجاز الفريق الآخر.
  2. زرع الشكوك والخوف: الأخبار السلبية والتركيز على الفشل بيخلق جو من الشك والخوف والإحباط ، وده بيؤثر على ثقة الناس في دولتهم وفي نفسهم.
  3. تفكيك المجتمع من الداخل: لما الناس تبدأ تفقد الثقة في بلدها وفي قدراتها وفي مستقبلها، بيكون من السهل جدًا إن أي قوة خارجية تستغل الوضع ده لتحقيق أهدافها بدون الحاجة لمواجهة عسكرية مباشرة.
  4. تسخير الكتائب الإلكترونية: بيتم تسخير كتائب إلكترونية من الداخل والخارج لتسفيه والحط من أي خبر إيجابي بالتعليقات السلبية، الكتائب دي بتهاجم الصفحات اللي بتتكلم عن أي إنجازات حقيقية على الأرض بالتشكيك تارة وباستخدام «سلاح السخرية» تارة أخرى (راجع تكنيك جيش المهرجين بتاع جين شارب)، وكمان بالاتهامات بالفساد وسرقة الأموال وعدم وجود جدوى اقتصادية..والنتيجة إنك تلاقي نفسك أصبحت مجرد دمية في إيديهم يلعبوا بيها، وده بيأثر على معنوياتك وبالتالي على رؤيتك للواقع بشكل كبير.

الخلاصة: الحرب التقليدية بتكسب الأرض بالمعارك والخسائر بتبقى من الجانبين، لكن حروب الجيل الرابع بتكسب الحرب من غير طلقة رصاص واحدة والخسائر فقط بتكون من جانب واحد، باستهداف عقلك ووعيك ومعنوياتك. 

الإعلام سلاح قوي في النوع ده من الحروب بل ربما هو أقوى سلاح فيها على الإطلاق، وعلشان كده لازم نبقى منتبهين وواعيين جدًا لكل خبر بيترمي قدامنا، ومش بس للخبر، ولكن الأهم اننا ننتبه للصياغة الإعلامية للخبر، ونفهم إن الهدف المقصود يكون التأثير على معنوياتنا وزرع مشاعر الفشل والخوف والإحباط داخلنا، بحيث اننا نوصل لمرحلة التدمير الذاتي لنفسنا.