أخبارالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: “المرحوم توماس” ..!!

الاستماع للخبر

بعد إنفصاله عن زوجته والحكم بإلزامه بنفقات دورية لطفلته، مر “توماس” بضائقة مالية شديدة جعلته عرضة للسجن لتخلفه عن سداد مستحقات طليقته وطفلتها، فهداه تفكيره إلى إستغلال معلوماته الكبيرة بعلوم الحاسوب والثغرات التى توفرها وسائل الرقمنة الحديثة..فقرر “تزييف وفاته”.

راقب توماس سجلات هيئة تسجيل الوفيات الحكومية فى هاواى، واستطاع أن يصل إلى نقطة ضعف فى نظام التسجيل، حيث عثر على “إسم مستخدم” غير نشط تعود ملكيته لطبيب فى ولاية أخرى، على الفور قام توماس بإختراق هذا الاسم وسجل إسمه كمتوفى فى حادثة مزيفة، وخدمته ثغرات إجراءات التحقق الثنائية المطبقة على النظام الغير فعالة؛ إذ استطاع تعديل صلاحياته وإدراج اسم المستخدم كمتحق ثان، أي أن ذات اسم المستخدم أنشأ الحركة ووافق عليها.

وأكمل الأركان بأن وضع إسم الطبيب نفسه كمسؤول عن التحقق من الوفاة واختتم بتوقيع هذا الطبيب على شهادة الوفاة..وأصبح توماس فى لحظة “ميت” فى نظر الحكومة وبدلالة السجلات..لم يكتف توماس بذلك؛ بل وعمم “حالة وفاته” على كافة الأنظمة الحكومية فى الولايات الاخري، وبذلك سقطت عنه كافة المطالبات والمستحقات والنفقات، وأضحى “المرحوم توماس” بضغطة زر.

حتى هذه اللحظة مر كل شئ بسلام، إلا أن توماس قرر أن يستخدم هذه الثغرات فى الثراء، فبدأ في استغلال اسم الحساب المخترق لسرقة بيانات حكومية، وعرضها على البيع على الإنترنت المظلم، مما جعل السلطات تنتبه لذلك وتبدأ فى البحث والتحقيق، وبدأت فى استخدام سجلات البحث التاريخية على جوجل عن كيفية التخلص من “دعم الطفل”، والتى كانت قرينة إدانة أساسية ضده أدت إلى فضح فعلته والقبض عليه، واعترف الرجل بفعلته، وحكم عليه البارحة بالسجن لستة أعوام مع غرامات تناهز المائتي ألف دولار، معظمها نفقات متأخرة مستحقة لطليقته وطفله.

يذكر أن قضايا أخري قامت شركة جوجل بتزويد السلطات الأمنية بسجلات البحث لأشخاص مما اثار التحفظات حول حدود الخصوصية للمستخدمين وشرعية إستخدام نشاطاتهم على المتصفحات ضدهم، كما أن “وسائل الهندسة الاجتماعية” والخاصة بدراسة بيانات مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت تمثل خطراً كبيراً فى الوقت الراهن على مستويات الخصوصية ومعاملات الأمان لمستخدمى هذه المواقع سواء كأفراد أو شركات أو مؤسسات، مما يستوجب التشديد على وجود التوعية الدورية وضوابط الحماية الفعالة ومراجعاتها دورياً للتحقق من فعاليتها.

وما سبق يكشف أن نظام تسجيل الوفيات لدى السلطات الحكومية من الأنظمة الحساسة، لأن حادثة وفاة واحدة مزيفة قد يكون لها عواقب قانونية ومالية واجتماعية، مما يوجب مراجعة الضوابط المطبقة عليها حيث أنها لا تقل أهمية عن الأنظمة المالية الحكومية الأخرى.