
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الماضية زيارة مهمة لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، ضمن جولة عمل رسمية استمرت أربعة أيام بين نيويورك وكاليفورنيا، الزيارة لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل مثلت خطوة استراتيجية جديدة على طريق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المصري، وتعزيز موقع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كأحد أبرز محركات النمو الاقتصادي، وأداة رئيسية لزيادة الصادرات الرقمية، ورافعة أساسية لتحفيز الاقتصاد الوطني.
جاءت الزيارة في إطار توجه الدولة نحو توسيع قاعدة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، خصوصًا في القطاعات عالية القيمة المضافة مثل التعهيد، تصميم وتصنيع الإلكترونيات، الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، وقد حرص الوزير على عقد لقاءات ثنائية مع قيادات كبرى الشركات الأمريكية لبحث التوسع في استثماراتها داخل السوق المصري، واستعراض المزايا التنافسية التي تجعل من مصر وجهة مفضلة للشركات العالمية.
كما تضمنت الزيارة مشاركة رسمية في المنتدى العالمي لأشباه الموصلات (GSA)، وهو أحد أهم المنصات الدولية التي تجمع صناع القرار وقادة التكنولوجيا على مستوى العالم، بما يعزز مكانة مصر كفاعل رئيسي في صناعة الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات.
التقى الوزير بقيادات شركات رائدة في مجال التعهيد مثل TTEC Engage وiQor وVXI Global Solutions، حيث جرى بحث خطط هذه الشركات للتوسع في مصر عبر إنشاء مراكز جديدة وتوسيع حجم أعمال المراكز القائمة، هذه اللقاءات تؤكد أن مصر باتت مركزًا عالميًا لتقديم خدمات التعهيد وخدمات العملاء العابرة للحدود، معتمدة على قاعدة شبابية واسعة تتقن أكثر من عشر لغات، وتتمتع بتدريب وتأهيل عالٍ..كما جرى الاتفاق على تعزيز التعاون مع الجامعات المصرية المتخصصة، مثل جامعة مصر للمعلوماتية، لإعداد كوادر مدربة تتوافق مع احتياجات السوق الدولي، وهو ما يضمن استدامة النمو في هذا القطاع الواعد، ويفتح المجال لزيادة فرص العمل للشباب.
أكدت الزيارة على جدية مصر في جذب استثمارات جديدة من كبرى الشركات الأمريكية، بما يعزز من تدفقات العملة الأجنبية، ويدعم ميزان المدفوعات، وتوسع هذه الشركات في السوق المصري يعني دخول رؤوس أموال جديدة، وتوسيع قاعدة الإنتاج والخدمات، فقطاع التعهيد وخدمات تكنولوجيا المعلومات قادر على خلق مئات الآلاف من فرص العمل للشباب المصري، خصوصًا في وظائف تتطلب إتقان اللغات الأجنبية والمهارات الرقمية، الزيارة عززت من ثقة الشركات العالمية في قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من الكفاءات البشرية.
الاتفاقات التي تمت مع الشركات العالمية ستسهم في نقل التكنولوجيا الحديثة إلى السوق المصري، سواء في مجالات الذكاء الاصطناعي أو الأمن السيبراني أو تصميم الإلكترونيات، هذا النقل للمعرفة يعزز قدرة مصر على بناء قاعدة تكنولوجية قوية، ويمنح شبابها فرصة الاحتكاك المباشر بأحدث النظم العالمية.
من المتوقع أن تسهم توسعات الشركات العالمية في مصر في زيادة حجم الصادرات الرقمية، إذ تعمل المراكز القائمة بالفعل على تقديم خدمات لأسواق في أوروبا وأمريكا وآسيا، ومع دخول شركات جديدة، ستتضاعف قدرة مصر على تصدير الخدمات الرقمية، وهو ما ينعكس إيجابًا على الميزان التجاري، وعززت الزيارة صورة مصر كدولة جاذبة للاستثمار، وكمركز إقليمي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
جدير بالذكر أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمثل أحد أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد المصري، حيث يسجل معدلات نمو سنوية تتجاوز 16%، ويعد من أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات الأجنبية، وقد أصبح هذا القطاع حجر زاوية في جهود الدولة للتحول الرقمي، وركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، الزيارة الأخيرة أكدت أن الحكومة تراهن على هذا القطاع ليس فقط كمصدر للنمو الاقتصادي، بل كأداة استراتيجية لتعزيز القدرة التنافسية لمصر عالميًا، ودعم خططها للتحول إلى اقتصاد رقمي شامل.
زيارة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى الولايات المتحدة الأمريكية شكلت محطة فارقة على طريق تعزيز التعاون المصري-الأمريكي في مجال التكنولوجيا، فقد أظهرت بوضوح أن مصر قادرة على جذب الاستثمارات في أكثر المجالات تقدمًا، بدءًا من التعهيد والذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى صناعة الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصلات، كما عكست اللقاءات مع قادة الشركات العالمية ثقة متزايدة في السوق المصري، وإيمانًا بقدرة الكفاءات المصرية على المنافسة عالميًا، فالزيارة لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل بمثابة رسالة قوية بأن مصر ماضية في بناء اقتصاد رقمي متكامل، وأن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سيظل في طليعة القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني، وجسرًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، ورافعة للتنمية المستدامة.
الجدير بالذكر أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي التي تتبناها مصر منذ سنوات، كانت محل إشادة من قادة هذه الشركات، الذين أكدوا أن مصر تمتلك البنية التحتية الرقمية والكوادر البشرية المؤهلة بما يجعلها شريكًا مهمًا في هذا المجال الحيوي.







