
أكدت الدكتورة عبير عطالله، خبيرة الإدارة والأعمال، أن التعليم يمثل أحد أهم ركائز التنمية الشاملة ومحور التحول الاقتصادي والاجتماعي في أي دولة، مشيرة إلى أنه لم يعد ترفًا أو خدمة اجتماعية فحسب، بل أصبح استثمارًا استراتيجيًا في رأس المال البشري ومفتاحًا رئيسيًا لنهضة الأمم.
وقالت عطالله إن العالم يشهد تحولًا جذريًا في بنيته الاقتصادية والتكنولوجية، وأن الدول التي أدركت مبكرًا أهمية التعليم النوعي وضعت نفسها في مقدمة السباق العالمي نحو التقدم. وأضافت أن بناء أجيال قادرة على المنافسة عالميًا هو السبيل الحقيقي للبقاء في عصر الاقتصاد المعرفي.
وأوضحت أن الثروة الحقيقية للدول لا تُقاس بما تمتلكه من موارد طبيعية أو احتياطيات مالية، وإنما بما تمتلكه من طاقات بشرية مؤهلة تمتلك المعرفة والقدرة على الابتكار والإنتاج، مؤكدة أن تراكم المعارف والمهارات والخبرات هو ما يخلق الفارق بين الدول المتقدمة وتلك النامية.
وضربت عطالله أمثلة بنماذج عالمية رائدة مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، واللتين تمكنتا من تحقيق قفزات اقتصادية وتنموية بفضل الاستثمار طويل المدى في التعليم النوعي، قائلة إن “هاتين الدولتين لم تعتمدا على الموارد الطبيعية، بل على الإرادة السياسية التي جعلت التعليم في صدارة الأولويات الوطنية”.
وأضافت أن التعليم يمثل أيضًا أداة اقتصادية فعالة تساهم في تعزيز الإنتاجية وتحفيز النمو، مشيرة إلى أن الدراسات الاقتصادية الحديثة أثبتت أن كل سنة إضافية من التعليم ترفع دخل الفرد بنسبة تتراوح بين 8 و10%، وأن زيادة متوسط سنوات التعليم بسنة واحدة يمكن أن ترفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 0.37% سنويًا، ما يعكس الأثر المباشر للتعليم على النمو الاقتصادي.
وأكدت أن التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة جعل من التعليم النوعي شرطًا أساسيًا للتنمية المستدامة، موضحة أن العالم اليوم لم يعد يعتمد على الموارد المادية بقدر اعتماده على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا.
وفي ختام تصريحاتها، شددت الدكتورة عبير عطالله على ضرورة دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم، باعتبارهما عنصرين حتميين لبناء جيل قادر على الإبداع ومواكبة متطلبات سوق العمل العالمي، مؤكدة أن الاستثمار في التعليم هو الضمان الحقيقي لاستدامة النمو وتحقيق النهضة الشاملة.