مع خطواتي الأولي حبواً داخل أروقة صاحبة الجلالة؛ وتحديداً فى العام 2005؛ كنت مطالباً بتحرير صفحة كاملة فى جريدتى “جيل الغد”، وكان آخر موعد لتلسيم مادة الصفحة يوم الأربعاء، ليتم تجهيزها وإرسالها للمطبعة لتكون فى الاسواق مساء الاثنين الذى يليه، وكان ذلك يعنى أن إختيارى للأخبار لابد فيه من مراعاة ان تكون مجارية للأحداث قدر الامكان، حتى لاتكون “قديمة” ومضى على حدوثها أكثر من أسبوع.
وحتى يتسنى لي ذلك كنت أطالع “موقع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” وخاصة “الأحداث القادمة”، لأختار منها حدثاً سيتم خلال الأسبوع المقبل ليكون مصاحباً لتوقيت صدور الجريدة، وإعداده بحيث يكون “حدث فى الماضى”، وجرت الأمور كذلك بسلام حتى جاء يوم تصفحت فيه الموقع فوجدت خبراين معنون بإفتتاح وزير الاتصالات لمؤتمرين معينين، أحدهما خلال الأسبوع المقبل، والآخر خاص بالاتحاد الدولي للاتصالات، وسيتم خلال الأسبوع بعد المقبل، فسارعت بنسخ الخبرين وإعدادهما ليكونا فى صفحة العددين القدم وبعد القادم..إلا أننى خلطت الأوراق، ووضعت خبر الاسبوع بعد المقبل فى فولدر أخبار العدد المقبل مباشرة.
بعدها تم نشر الصفحة، وصدر العدد بالفعل مساء الاثنين، وفى يوم الثلاثاء كنت فى زيارة بالقرية الذكية، وعقب خروجى مباشرة من مبنى “الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات” تلقيت مكالمة من “برايفت نمبر”، وعلى الجانب الآخر من الخط قال صوت عميق أعرفه جيداً: “خالد معايا؟”، أجبته: “أيوة..مين حضرتك”، قال الصوت: “معاك الدكتور طارق كامل ياخالد”..أسقط فى يدى، فقد كانت هذه المرة الاولى التى يحدث فيها حديث بين الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رحمه الله وبينى، أجبته سريعاً: “أهلا بمعاليك يادكتور”، بادرني الوزير: “هوه أنا إفتتحت المؤتمر بتاع الاتحاد وأنا مش عارف ياخالد ؟”..!!
فى البداية لم أستوعب الحوار، بعدها بدأت أتذكر حتى أفقت من دهشتى، وعلمت أن خطأ ما حدث فى إختيار أخبار الأسبوع، وأعتذرت للوزير الذى تقبل إعتذارى بصدر رحب وحيانى على متابعتى للموقع وتناول معى بعض الأحداث سريعاً وأنتهت المكالمة.
أذكر أيضاً المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات الأسبق، عندما كتبت مقالاً أروى فيه أن الوزير بعد 100 يوم فى الوزارة لم يلتق بالصحفيين المتخصصين فى الشأن التكنولوجى سوى مرتين، وبعدها فى لقاء له لتكريم طلبة جامعة القاهرة طلب من المستشار الإعلامى أن يجلس عقب التكريم مع الصحفيين قائلاً: “علشان خالد زعلان مني”.
وذات يوم حدثنى أحد المقربين من المهندس خالد نجم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، أنه قام بالاتصال بالادارة الاعلامية للوزارة ليقرأو مقالاً لى كتبته بعنوان: “لماذا خالد نجم ؟”، على الرغم من أنه لم يكن يعرفنى شخصياً.
كذلك تلقيت مكالمة هاتفية من عصام الصغير رئيس مجلس إدارة البريد المصري يشكرنى فيها بعد أن قام بمطالعة مقالتى: “الأخبار السوداء”، والتى أدافع فيها عن إنجازات هيئة البريد، وأيضاً لم أكن على صلة قريبة منه.
كان ذلك يحدث عندما كانت المقالات تقرأ وتدرس بتمعن، وتحظى بالاهتمام لأنها تعبر عن وجهات نظرهم ورؤيتهم، عندما كان الصحفيين هم بالفعل شركاء النجاح ومرآة الحقيقة..كانت أيام.