أخبارمقالات

خالد أبو المجد يكتب: صوفينار .. وأخواتها

يتردد هذا التساؤل منذ فترة ليست ببعيدة: لماذا يعانى النابغون فى بلادنا ويفشلون فى تحقيق نجاحات بينما تلمع وتتلألأ الراقصات الأجنبيات أمثال صوفينار وأخواتها ويعلو صوتهم وصيتهم، والإجابة بسيطة وسهلة وواضحة للجميع، فعندما يزداد الإهتمام بشخص يجد سوقاً رحبة لاحتضانه ويستطيع أن ينتج ويبدع ويزدهر، والعكس صحيح حيث تخمد نار النبوغ ويخبو وهيجها إذا لم تجد الرعاية والعناية الكافية، وهذا هو السبب الرئيسي وراء عزوف النابهين والنابغين عن استثمار طاقاتهم الإبداعية فى أوطانهم والمعدلات العالية لهجرة العقول العربية.

مصر تمتلك 368 جامعة حكومية وخاصة، يدرس بها حوالي 300000 طالب، يتخرجون سنوياً فيها طبقاً لإحصائيات 2014، ويقترب عدد المقيدين بمراحل الدراسات العليا الثلاث (دبلوم- ماجستير- دكتوراه) من نفس عدد الخريجين، وبحسبة منطقية وجب أن نحظى كل عام بأكثر من 100000 عالم حاصل على درجة الدكتوراة، ووطن حباه الله بهذا العدد من العلماء فلابد أن يكون من الأوطان الراغدة المتقدمة..إلا أن الواقع بعيد تماماً عن هذه النتائج النظرية.

ومع إرتفاع نسب النبوغ فى صعيد مصر – بعيداً عن العاصمة – أدركت القيادات السياسية والحكومية والوزارية فى مصر حجم هذه الكارثة، واتخذت خطوات سريعة ذات فكر إستراتيجى ممتد المدى مبنى على تفكير علمي وأسس تقنية ودراسات استقصائية، وتمثل هذا التخطيط فى تفعيل الإهتمام بالنوابغ المصريين واحتضانهم، وتوفير البيئة اللازمة لإستكمال مشوار الإبداع والإبتكار، ونقل التكنولوجيا إليهم أينما كانوا، لصقلهم وتأهيلهم لدفع وقيادة قاطرة التكنولوجيا المصرية فى المستقبل، وذلك عن طريق تخطى الحاجز الجغرافي وإنشاء عدد من القرى التكنولوجية بمختلف أنحاء الجمهورية.

يحقق مشروع القرى التكنولوجية العديد من الفوائد والقيم المضافة فى إتجاهات عدة وعلى مستويات شتى، فعلى الصعيد المحلى يسهم المشروع فى تبنى وإحتضان المتفوقين علمياً، إضافة إلى إتاحة الفرصة للراغبين فى تفعيل ابتكاراتهم واختراعاتهم، وحماية العقول المصرية من الهجرة، وتحقيق الإفادة المرجوة من نبوغهم وتفوقهم..إضافة إلى فوائد أخرى مصاحبة مثل توفير الآلاف من فرص العمل المباشرة والغير مباشرة، واستحداث وتنشيط الأسواق المصاحبة والموازية لهذه التجمعات التكنولوجية، وإتاحة الفرصة لمواكبة العصر وتفعيل الحياة الذكية التي تقدم خدماتها بصورة عصرية لائقة.

وعلى المستوى الإقليمي والعالمي يصعب حصر المردود الإيجابي لمثل هذه المشاريع سواء على المدى القصير أو البعيد، ويكفى أن تعمل هذه المشاريع على تحسين السمعة التكنولوجية المصرية عربياً وعالمياً لجذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية، إضافة إلى التهيئة التكنولوجية لكل ما هو جديد فى كافة النواحى العلمية والثقافية لمواكبة عصر تخلفنا عن ركابه لفترة طويلة.

نتمنى أن تحذو كافة قطاعات الدولة حذو قطاع تكنولوجيا المعلومات فى توطين التكنولوجيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس، فمصر فى معركتها ضد التخلف والرجعية بحاجة إلى مثل هذه المشاريع المصيرية.

نشر بالمشهد بتاريخ 2 فبراير 2016

error: Alert: Content is protected !!