أخبارمقالات

خالد ابو المجد يكتب: صرخـــــة مكتب .. !!

الاستماع للخبر

قريتنا الصغيرة..النائية، القابعة فى “الصعيد الجوانى”، تتبع -ومعها 23 قرية ونجع- أحد مراكز محافظة سوهاج، وتبعد عنه قرابة 5 كيلومترات، وحتى سنوات قليلة كانت كافة المعاملات المالية لسكانها تكبدهم عناء 10 كيلومترات ذهاباً وإياباً، مضاف إليها تكاليف المواصلات وضياع وقت طويل سواء فى المشوار أو فى صفوف الطوابير الطويلة فى فروع البنوك التى لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة..والتى يتحتم على كافة سكان القرى والنجوع التعامل معها لعدم وجود بديل.

منذ حوالى عدة سنوات -اثناء زيارتى للبلدة- أثلج صدرى رؤيتى لمكتب بريد تم إنشاؤه فى قلب قريتى الغالية، والمبهج أيضاً أننى لمست بسهولة مدى فرح أهلى وأقاربى بهذا المكتب، ورواياتهم عن تناوب حمايته وقت الانفلات الامنى الذى أعقب أحداث 25 يناير، وكيف أنه “رحمهم من مشاوير البنوك”.

أكثر من 4000 مكتب بريد موجودين بالفعل فى جميع أنحاء مصر، يخدمون قرابة 14 مليون مواطن كل شهر، ولديهم 24 مليون حساب به، و 7 ملايين يتسلمون حساباتهم منهم..طبقاً للتصريحات الاخيرة لعصام الصغير رئيس هيئة البريد.

التطوير الحادث فى البريد – سواء فى المكاتب أو نوعية وكمية الخدمات المقدمة – يعطى صورة مشرفة للمصريين جميعاً بصفة عامة، ولقادة القطاع التكنولوجى المصرى بصفة أكثر تخصصاً، وبصراحة شديدة: فخور بمكاتب ومنظومة البريد العالمية على أرض وطنى.

وحيث أن البريد جهة حكومية متخصصة فى المعاملات المالية، وعلى الرغم من أن كافة أرباحها تدخل إلى خزينة الدولة، إلا أنه يبدو أن الغيرة قد أكلت قلوب اللاعبين الآخرين، وسيطرت على تفكير الجهات المنافسة، ففى حادثة أكثر من غريبة بعث أحد العاملين بمكتب بريد “الحلة”، بمنطقة الأقصر البريدية بإستغاثة مفادها أن العاملين بالمكتب أصبحوا غير قادرين على على فتح ابواب مكتبهم وخدمة المواطنين، والسبب أن الوحدة المحلية للقرية لم تجد بزمام القرية كلها قطعة أرض تصلح أن يتم فيها بناء فرع لبنك مصر” إلا قطعة أرض ملاصقة لمكتب البريد .. فقامت بتخصيصها للبنك ..!!

المذهل فى الموضوع -طبقاً لرواية صاحب الإستغاثة- أنه لم يتم ترك “حرم” لمكتب البريد، وبدأت أعمال الحفر من قبل الشركة التى قامت بدورها بالتعدى والحفر اسفل الرصيف المحيط بالمكتب !!، مما حال دون فتح الابواب وتقديم الخدمة للمواطنين الذين افترشوا الأرض المحيطة بالمكتب.

هذا الامر إن أظهر شيئاً فإنما ينم عن إستمرار سياسة “الجزر المنعزلة فى العمل بين قطاعت الدولة المختلفة، فهل من الطبيعى بديهياً أن يتم “لصق” فرع بنك يقدم معاملات وخدمات مالية فى حرم مكتب بريد يقدم نفس الخدمات، وهل “ضاقت الدنيا” حتى لا يتم تخصيص قطعة أرض إلا تلك الملاصقة للمكتب، أليس باقى سكان “الحلة” فى حاجة إلى توافر وحدات خدمية بجوارهم ؟

“الصعايدة” ياسادة تخدمهم مكاتب البريد أكثر، ويشعرون معها بالألفة، إلا أنه لا ضرر من وجود البنوك وفروعها، ولكن وجب توزيعها جغرافياً جيداً، وبقى أن أذكر أن قرية الحلة تتبع مركز أسنا بمحافظة الاقصر، ويقتنها قرابة 20 ألف مواطن، ومكتب بريدها يحقق نسبة مرتفعة جداً من الايرادات.

WWW.ICT-MISR.COM