أخبارمقالات

خالد أبو المجد يكتب: باشاوات العصر الحديث .. (1-2)

الاستماع للخبر

بإختصار..تتمحور أهداف السواد الاعظم من الجيل الصاعد حول أمل واحد كبير فى معناه عظيم فى فحواه، وهو الثراء الشديد السريع، ومن بعده يحقق الأمانى البسيطة والتى تتلخص فى الفيلا ذات الحديقة الرائعة وحمام السباحة البديع، والسيارة -وربما يشطح البعض بآمالهم إلى تملك عدة سيارات، والزوجة فائقة الجمال ذات الجسد الممشوق والشعر المسدل وعيون المها والنهود النافرة والشفاه المكتظة والأرداف المكتنزة و .. و … .

أضف إلى ذلك الأمل الأكبر-الوظيفة المرموقة- وحبذا لو كانت شركته الخاصة التى يمتلكها، وبالطبع لا بد من بعض الكماليات الأساسية، وتتلخص فى السيجار الكوبى الذى لا يفارق يده، ودفتر الشيكات بالجيب الأيمن الداخلى من جاكت البدلة ذات الماركة العالمية، والنظارة التى تخفى أعينه عن الناس، وتضيف غموضاً وسحراً مرغوباً فيه، وتكتمل المنظومة بتلك الحسناء ذات الر ائحة الفواحة، والتى تظهر ملابسها أكثر ماتخفى، وتنورتها القصيرة التى بالكاد تستر بداية أفخاذها..ليصبح صاحبنا “الباشا”، الذى يحمل عنه مساعده الحقيبة وهو منحنى، ويقبع فى الكرسى الخلفى للسيارة، بشرط أن يقودها “عبدو” .

للأسف أصبح تفكير غالبية الشباب الذى يوشك أن ينهى دراسته ويقتحم سوق العمل منحصراً فيما سبق ذكره، والمسئول عن هذا التوجه هو الإعلام المرئى من أفلام ومسلسلات، روجت لهذا الفكر، وأستخدمت فى ذلك كافة الأسلحة الموجهة من نجمات جميلات شهيرات ونجوم معشوقون، ونجحت فى مهمتها بجدارة، وأظن أن مسلسل “الأسطورة” -الذى لا أدرى حتى الآن ماهدف قصته- ليس عنا ببعيد.

“الباشاوية” و”الباكاوية” إبتدعها محمد على باشا، وأستخدمها الملك لتكريم خاصته ومنحهم المزيد من الوجاهة الاجتماعية، وأن كانت ثورة يوليو 1952 نجحت فى القضاء على ألقاب الباشاوية والباكاوية، إلا أنها لم تقضى على ممارسيها، فقد أصبحت “الباشاوية” بعد أعوام من الثورة ممارسة يتقنها كثيرين، وأجيال صاعدة تحلم بها، وللأسف فإن أغلبهم ينتهى به الحال إلى إحدى طريقين: إما الإنحراف والسقوط، أو تسرب الزمن من بين أصابعه ليصحوا فجأة فيجد أنه “كبر فجأة” و”يتعب من المفاجأة”، وربما “تنزل دمتعه”.

ياباشاوات العصر الحديث ..الحياة لا تمضى بالتمنى، والمستقبل لا يبنى على الأحلام، والعلم والعمل هما مجدافا الوصول إلى بر الأمان، وقديماً قالوا: “العلم يبنى بيوتاً لا أساس لها”، وقالوا أيضاً: “من طلب العلا سهر الليالى”، و “مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”، حتى إن الأمثال الشعبية تقول : “إسع ياعبد وأنا أسعى معاك”، وكل ماسبق يدعوا فقط للعمل .. وعلى قدر المشقة يكافئ الله بالثواب.