مقالات

(دماغيات) خالد أبو المجد: “الأسود .. ذو القرص”

الاستماع للخبر

فى العام ١٩٦٧ ، قرر والد صديقى جمال أن “يقدم طلب تركيب تليفون منزلى” فى منزله بحى شبرا، وبالفعل عقد العزم وأعد عدته وأوراقه، وذهب إلى سنترال شبرا الذى يبعد عن منزله قرابة ٤ كيلو متر، والواقع بجوار موقف السيارات الشهير بشارع شبرا والملقب بـ “مطار المنوفية“.

وقف “أبو جمال” رحمة الله عليه فى الطابور، وبعد قرابة ساعتين وصل إلى الشباك، ونجح فى تقديم الأوراق والحصول على “الايصال” .. وعندما إستفسر عن الموعد التقريبى للتركيب جاءت الإجابة طبيعية لحد كبير: “خمستاشر أو عشرين سنة .. يدينا ويديلك طول العمر“.

وذات يوم .. خلال العام ١٩٨٥، ظهر صديقنا جمال بوجه بشوش، وقال وهو يكاد يطير من الفرحة: “التليفون ركب عندنا إمبارح“.

لازلت أتذكر بعض أرقامه، حيث أنه أصبح هاتفنا جميعاً، من يريد أن يهاتفه أحدهم ماعليه إلا أن يذهب إلى منزل جمال، وينتظر بجوار “الأسود ذو القرص”..هكذا كان حالنا حتى بداية تسعينات القرن الماضي.

كان الثراء فى هذه الفترة يقاس بإمتلاك ذلك “الأسود ذو القرص”، بعده إختلفت المعايير، وأصبح للثراء مقاييس أخرى مثل “التليفون الرمادى ذى الازرار”، الذى شكل طفرة فى عالم الاتصالات، تبعه “الأبيض المعجزة” صاحب الأرقام والسماعة اللاسلكية، والذى جاء متزامناً مع إطلاق “الهاتف الفورى”، والذى كان باهظ الثمن حيث بلغت تكاليفه ثلاثة آلاف جنيهاً، كل هذا حدث قبل الإنقلاب الذى شهده عالم الاتصالات بدخول هاتف السيارة اللاسلكى..وكان سعره ساعتها 11 ألف جنيه ..!!

عقب إطلاق هاتف السيارة بوقت قصير نوعاً حدثت المعجزة بإنطلاق الهاتف المحمول فى العام 1997، والذى أحدث ثورة غير مسبوقة فى عالم الاتصالات والتكنولوجيا لا يزال مفعولها سارياً حتى الآن.