نيجيريا..منذ 5 سنوات، نجحت في إزاحة جنوب أفريقيا من المرتبة الأولى كأقوى اقتصاد في أفريقيا، إلا أن الاحتفاظ بالقمة يتطلب بعض الشروط، منها: تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد، فقط، على البترول، والقضاء على الإرهاب، والحد من الفساد، والعدالة في توزيع الثروة.
تُعد نيجيريا من أهم الدول الأفريقية المنتجة للبترول، وهي عضو في منظمة “OPEC”، حيث تحتل المرتبة الثامنة في قائمة أهم الدول المصدرة للبترول على المستوى العالمي، وبحسب تقديرات “أوبك”، يتراوح حجم الاحتياطي النفطي في نيجيريا ما بين 27 إلى 31،5 مليار برميل، في حين يصل حجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي إلى 4.5 تريليون قدم مكعب.
تستهلك نيجيريا من بترولها ما بين 200 إلى 275 ألف برميل فقط يوميًّا بسبب الكثافة السكانية العالية، فهي تحتل المركز الأول على مستوى القارة السمراء من هذه الناحية، حيث يزيد عدد السكان فيها على 175 مليون نسمة تقريبًا لا يزال أكثر من 50% منهم تحت خط الفقر، ومع ذلك تُصدِّر إلى العالم الخارجي نحو 2.26 مليون برميل يوميًا.
كذلك تُصدر نيجيريا يوميًا 7.83 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي إلى العالم على هيئة غاز مُسال، وتتركز معظم حقول النفط النيجيرية في منطقة دلتا النيجر جنوب ووسط البلاد، كما يمثل النفط النيجيري 20% من الناتج المحلي الإجمالي و95% من إجمالي حجم تجارتها مع العالم الخارجي و65% من إيرادات ميزانية الدولة.
في 2014 تمكّنت نيجيريا من نيل لقب أكبر قوة اقتصادية في أفريقيا، بعدما وصل الناتج المحلي في الأولى إلى 510 مليارات دولار. كما تُعد نيجيريا الشريك الأكبر للولايات المتحدة التجاري جنوب الصحراء الكبرى، ويرجع ذلك لارتفاع واردات النفط من نيجيريا التي تقدر بـ8% من واردات أمريكا الكلية من البترول، أي ما يقرب من نصف إنتاج نيجيريا يوميًا، ونيجيريا هي خامس أكبر مُصدّر للبترول إلى الولايات المتحدة.
غير أن تدهور أسعار النفط عالميًا، إلى جانب زيادة والتضخم وانعدام الأمن في جنوب نيجيريا، فضلًا عن الأزمة الإنسانية التي شهدتها مناطق في الشمال ونقص الطاقة الكهربائية في أجزاء واسعة من البلاد، أدى إلى حدوث انهيار في الاقتصاد النيجيري، وتسبب في فقدان الدولة مركزها الاقتصادي الأول في أفريقيا، لعدة سنوات.
فقد هذا البلد العملاق في غرب أفريقيا الذي يجني 70% من عائداته من إنتاجه النفطي، مكانته الاقتصادية الأولى، لتعود مرة ثانية إلى جنوب أفريقيا، قبل أن يستردها ثانية مؤخرًا.
وتعاني نيجيريا من مشكلة أخرى لا تقل خطورة عن انخفاض سعر البترول، وهي مشكلة الإرهاب، فهناك تنشط جماعة “بوكو حرام”، التي كانت تطلق على نفسها اسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، وغيرت اسمها بعد مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” إلى “ولاية غرب أفريقيا”، وهي جماعة إسلامية نيجيرية سلفية جهادية مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا.
كما تكافح نيجيريا لسداد ديون شركات النفط العالمية الكبرى، حيث يبلغ الدين الإجمالي للحكومة النيجيرية نحو 320% من عائدها السنوي، وفقًا للأرقام الواردة في تقرير لوكالة التصنيف الائتماني “فيتش”، وهو من أعلى الأرقام في العالم، وأيضًا أعلى من المتوسط البالغ 196% في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط التي تم تصنيفها من الوكالة نفسها.
وفوق ذلك، تعاني نيجيريا من ارتفاع معدلات الفساد، إذ قدّر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) في أحد التقارير المبلغ المنهوب من خزينة نيجيريا من الاستقلال إلى عام 1999 بـ600 مليار دولار، وسارقو المبلغ هم النخبة النيجيرية.
راهنت نيجيريا على الدخول في شراكات واسعة من أجل التغلب على الصعوبات الاقتصادية، فهي التي أسست تحالف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وتحتضن عاصمتها أبوجا المقر الرئيسي للمنظمة الاقتصادية التي تهتم بتطوير الاقتصاد في منطقة الغرب الأفريقي.
واستمرارًا لسياسة الشراكات والتكتلات، وقّعت نيجيريا يوم 15 من مايو اتفاقية مع المغرب لمد أنبوب للغاز الطبيعي بين البلدين يمر بدول أفريقية عدة، وذلك بعد أن اتفق الطرفان في ديسمبر 2016، بعد زيارة ملك المغرب محمد السادس لنيجيريا على مد هذا الخط كمرحلة أولى ثم مده لاحقًا إلى أوروبا.. يمتد مشروع أنبوب الغاز على طول 4000 كيلومتر، وينطلق من نيجيريا ليمر عبر ست دول على الأقل وربما أكثر، وذلك بحسب ما كشف وزير الخارجية النيجيري جيفري أونييما عقب التوقيع على الاتفاق الذي شهده ملك المغرب.
والمشروع المغربي النيجيري هو توسعة لمشروع أنبوب غاز قائم أصلًا في غرب أفريقيا ويربط بين حقول المحروقات في نيجيريا والدول الأفريقية المستوردة للغاز مثل بنين وتوجو وغانا، وقد بدأ العمل به عام 2005 وأصبح جاهزًا عام 2010.
وهناك العديد من الموارد غير المستغلة، فالبلاد تتمتع بإمكانات زراعية كبيرة، بفضل صلاحية مساحات شاسعة من أراضيها للزراعة وطبيعتها الجغرافية وطبيعة مناخها، إلى جانب وجود ثروة معدنية غير مستغلة هي الأخرى مثل القصدير والحديد والرصاص والزنك، فضلًا عن قطاع السياحة المهمل، فنيجيريا تمتاز بالتنوع الواسع لمناطق الجذب السياحي.
نشر فى فيتو الثلاثاء 23/أبريل/2019
ict-misr.com/wp-content/uploads/2018/06/مسئولية-المقالات-300x62.jpg" alt="" width="561" height="116" />