تشير التقارير أن المصريون ينفقون قرابة نصف دخلهم لشراء الملابس وإحتياجاتهم من المواد الغذائية، كما كشفت المؤشرات فى نهاية العام الماضى أن حجم قطاع التجارة الداخلية بلغ 1.6 تريليون جنيه بنسبة تقترب من ثلث إجمالى الإنتاج المحلى الذى يقترب من 6 تريليونات جنيه.
17 مليون
وفيما له صلة بذات الموضوع أكدت الدراسات أنه فى ظل التوجه نحو المجتمع الرقمى والشمول المالى فإن نسبة توجه المصريين نحو إمتلاك حسابات بنكية تزداد بإضطراد، حتى وصلت فى ديسمبر 2019 إلى 84% من إجمالى المواطنين،.
وفى الوقت الذى يستخدم فيه 17 مليون مصرى منصات التجارة الالكترونية فى مشترياتهم طبقاً لأحدث الدراسات، بقيمة بلغت 2.7 مليار دولار فى إحصائيات 2019، مما جعل مصر تقترب من إعتلاء قمة الدول العربية المستخدمة للتجارة الالكترونية، وإطلاق المسميات من منصات التجارة الالكترونية فى السوق المصري يوماً بعد آخر، إلا أنه لاتوجد منصة حكومية واحدة للتجارة الالكترونية تستحوز على جزء -ولو ضئيل- من هذه التريليونات التى تطير معظمها – إن لم تكن كلها- خارج البلاد.
إعلانات جنسية
هذا من الجهة الاقتصادية؛ أما من الجهة الأمنية فحدث ولاحرج، حيث قفزت المعروضات فوق كل القيم الأخلاقية والدينية والأمنية، فأصبحت تطالع -بكل سفالة ووقاحة- إعلانات جنسية صريحة، بعد أن كانت إعلانات “المنشطات الجنسية” ترفضها الجرائد والمجلات نظراً لتلميحاتها، أو تقبلها على إستحياء، صارت “الأعضاء الجنسية الصناعية” أشكالاً وألواناً ..وأحجاماً على منصات التجارة الألكترونية، بل وصار إستلامها “عياناً بياناً” بمحطات المترو.
محلل شرعى
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تطور إلى إعلانات عن أشياء حرمتها الأديان والشرائع السماوية مثل الدعوة إلى الزنا من خلال إعلانات “المتعة”، أوالمساج “فى سرية تامة”، بل إن إعلانات “المحلل الشرعى” لمن سبق لهم الطلاق أكثر من مرتين باتت تجارة رائجة على إحدى منصات التجارة الألكترونية.
ومن الجهة الأمنية فإن إعلانات “مسدسات الصوت”، وأدوات الدفاع عن النفس المعروفة بإسم “سليف ديفنس”، والمحظور تداولها، ترتع بها منصة التجارة الالكترونية المعروفة بإسم “ماركت بلاس”.
فرصة استثمارية
وعلى الجانب الاقتصادى فإن منصات التجارة الالكترونية الأجنبية توفر “عدداً محدوداً جداً” من الوظائف، وقد لا تتخطى فى أغلب الأحيان العشرات القليلة من فرص العمل، مما لا يجعلها فى نظرى “فرصة إستثمارية” أو مجالاً يرجى تشجيعه، اللهم إلا لو كانت منصة محلية مصرية، تضخ أرباحها فى معين الناتج المحلى والاستثمار الوطنى، ومن ثم توفر إستثماراً وطنياً وجب مؤازرته وتشجيعه ودعمه..وهذا ماسعى إليه “إتحاد الغرف التجارية” فى أغسطس من العام 2017، حين أعلن عن عزمه إطلاق موقع الكترونى للتجارة الداخلية والتصدير..إلا أن الفكرة يبدو أنها ذهبت أدراج الرياح.
القوانين والأطر
وقانونياً فإن السواد الاعظم من منصات التجارة الالكترونية التى تقتحم السوق المصرى الخصب يوماً بعد آخر لا يوجد قانون يحجمه، أو أطر تحكم عملها، خاصة فى ظل عدم إستيفاء البعض منها للشروط الأولية التى تبنى على أساسه أى تجارة “محترمة” من حيث ثبات عين المقر والسجل التجارى والملف الضريبى..وغيرها من المستندات الضرورية التى تحكم عمل المنافذ التجارية، مما يجعل المجال متسعاً “للغش التجارى” وبيع سلع غير مطابقة للمواصفات، وبالتبعية فشل محاولات الاستبدال أو الاسترجاع، وضياع حق الوطن فى الرسوم التى يتم فرضها على أى نشاط تجارى.
السوق المصري
القوة الشرائية فى السوق المصرى قوية على العكس مما قد يفترض البعض، وأكبر الدلائل على ذلك هى الهجمة الشرسة التى تشنها شركات التجارة الالكترونية الغير محلية على السوق المصرى لعرض منتجاتها والإسهاب فى الإعلانات للترويج لمنتجاتها وضخ الملايين فى هذه الإعلانات، وهى لم تكن لتفعل ذلك لولا ثقتها فى قوة هذا السوق الذى يفوق تعداده ثلث سكان الدول العربية مجتمعة.
التجارة الالكترونية فى مصر بحاجة ماسة إلى أطر منظمة، وقوانين محددة، خاصة بعد أن سال لعاب القاصى والدانى للتربح من الـ 100 مليون مصري دون إلتزامات أو قيود، أومحددات لحماية حقوق المواطنين والمستخدمين؛ ومن قبلهم حقوق الوطن، اللهم “موقع الكترونى” والقليل من الاعلانات الترويجية والمؤتمرات الصحفية، وبعدها البدء فى جنى سيول الأرباح، مما ينذر بـ “فوضى سوق التجارة الالكترونية”.